أَجْرٌ: هو الجزاء على العمل
وهو أعم من المال إذ قد يقع الأجر على منافعَ ودفعِ ضرٍّ، وجاء على لسان بنت صالح
مدين شرطان لاختيار الأجير هما القوة والأمانة، وتضمن تفصيل الكتاب المنزل أن الله
لا يضيع أجر العاملين وهم أعم ممن أحسنَ عملا والله أكبر فليتعظ المؤمنون بالغيب
ولا يضيّعوا أجر العاملين، ولا يشترط للأجر اتفاق طرفين كما هي دلالة قوله ﴿إن أبـي يدعوك
ليجزيك أجر ما سقيت لنا﴾ القصص، ومن المثاني معه قوله ﴿فوجدا فيها جدارا يريد أن
ينقضّ فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا﴾ الكهف، ويعني أن لمن بدأ بالمعروف أجرا
ثابتا شرعا إن شاء سأله وإن شاء تـخلّى عنه، وليعذرنـي الفقهاء الفروعيون على تطفّلي.
والأجر من الله
في تفصيل الكتاب المنزل يعني الجزاء بالمغفرة والجنة في الآخرة خاصة وكان من تفصيل
الكتاب قوله ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع
أجره على الله﴾ النساء، وكان من التشريع الفردي لا الجماعي أن من عفا عن السيئة
وأصلح يقع أجره على الله، وجعل الله نعيم الجنة أجرا حراما أي حجرا ﴿ على المشركين
الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرّتهم الحياة الدنيا﴾ الأعراف، وإن الله لا يضيع
أجر المصلحين والمحسنين ومن أحسنَ عملا.
ووقع تكليف
النبي الأميّ صلى الله عليه وسلم بقوله ﴿قل ما سألتُكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا
على الله﴾ سبأ، لأن تمكينه في الأرض كان بعد الجهد والقتال كما في قوله ﴿ذلك ولو
يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوَ بعضَكم ببعضٍ﴾ القتال.
والأجر من ربنا
في تفصيل الكتاب المنزل يعني حسنة في الدنيا لا يتمكن من أوتيها من مثلها لنفسه، ومنه
الأجر من رب العالمين الذي أوتيه كل من نوح وهود وصالح ولوط وشعيب كما في الشعراء وهو
النصر الخارق بتدمير المجرمين وأن قرّت أعين الذين آمنوا معهم بأن كانت لهم عاقبة
الدار، ووعد ربنا الذين يمسِّكون بالكتاب ويقيمون الصلاة بالتمكين لأنه لا يضيع
أجر المحسنين، وقد آتى ربُّنا عبدَه
إبراهيم أجره في الدنيا كما في العنكبوت ومن المثاني معه في حرف النحل ﴿وآتيناه في
الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين﴾، وهو الولد الصالح والمرأة الصالحة وبينته
في مادة الحسنة.
وكما وعد الله
أن يعذب المنافقين مرتين في الدنيا ثم في الآخرة فقد وعد الذين آتاهم الكتاب قبل
القرآن ـ وهم النبيون المنظرون ـ أن يؤتيهم أجرهم مرتين وهو التمكين في الدنيا
لتحقيق وعد الله ﴿والعاقبة للمتقين﴾ قبل الأجر بالجنة في اليوم الآخر.
ووقع ليوسف
تمكين خارق لا يقدر على مثله لنفسه كما في قوله ﴿كذلك مكّنّا ليوسف في الأرض يتبوأ
منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين
آمنوا يتقون﴾، وإنما هو أجر في الدنيا بقرينة مقارنته بأجر الآخرة، وهو من الذكر
الأولين ومن المثاني معه قوله في سياق الوعد في الآخرين ﴿إنما قولنا لشيء إذا
أردناه له كن فيكون والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدنيا
حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون﴾ النحل، ويعني أن ظلما عريضا سيبتلى به
المؤمنون في الدنيا قبل أن يقع القضاء من ربنا وهو قوله ﴿كن﴾ ووعَد ربُّنا من يهاجرون
يومئذ في الله ليبوّئنّهم في الدنيا حسنة أي ليمكنن لهم في الأرض تمكينا خارقا
وكالموصوف في سورة النور أن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم من قوم
نوح والأحزاب من بعدهم وأن يبدّل خوفهم أمنا.
ووعد الله
بالأجر العظيم أي هو أعظم مما تصوره المأجور وبينته في مادة عظم.
ووعد الله بالأجر
الكريم أي لا يصاحبه أذى ولا مكروه يمُنّ الله بالمغفرة للمتقين وهم في الجنة ذات
أنهار ماء غير الآسن ولبن لم يتغير طعمه وخمر لذة للشاربين وعسل مصفًى ومغفرة من
ربِّهم من تمام الإكرام إذ لا ُعرض عليهم وهم في الجنة ما سبق من أعمالهم السيئة
حتى لا تتأذى بها أنفسهم، وبينته في مادة كرم.
ووعد الله بالأجر
الكبير للدلالة على أنه أكبر من الفتن والبلاء في الدنيا، وأكبر من الفقر والمجاعة
والتمزق والتشرد وتسلط الأشرار، وأكبر من زينة الحياة وغرور الشيطان، وأكبر من
المستهزئين الساخرين من الرسل ورجال معهم يعدونهم من الأشرار فليخش المؤمنون
بالغيب موافقة أولئك الساخرين.
ووعد الله النبي
الأمي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأجر غير ممنون وهو الذي اصطفاه واجتباه ونبّاه
وأرسله فمن يمنّ عليه في اليوم الآخر بالأجر من الله، ووعد الله الذين آمنوا
وعملوا الصالحات بأجر غير ممنون في اليوم الآخر إذ لا مَنَّ لأحدٍ كائنا من كان
على من زحزح عن النار وأدخل الجنة.
ويعني تفصيل
الكتاب المنزل أن سيوفِّـي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أجورهم ويزيدهم من فضله
وكذا الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا سرا وعلانية، صحة الحديث
النبوي في الصحيحين: "لن يُدخِل أحدَكم عملُه الجنّةَ".
وكان تذوق الموت
فيصلا بين دار التكليف ودار الجزاء باستيفاء الأجر بالحسنى أو بالسوأى، ويعني أن القاصرين
الذين ماتوا أو أُعيقوا قبل مرحلة التكليف والخطاب سيوفَّوْن أجور ما لحقهم من
التلف والأذى.
وكان المهر
فريضة للزوجة وملك اليمين المدخول بها فريضة من الله على الزوج وليس لأهلها منه
إلا ما وهبته لهم أو هم غاصبون، وعلى الأب إيتاء مطلقته المرضع أجر النفقة والإرضاع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق