دراسة حول تحرير طرق القراءات  

بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد:
فإن القرآن كان ولا يزال متواترا قرآنا وكتابة أي أداء ورسما محفوظا ذينك الحفظين منذ نزّله روح القدس جبريل على قلب النبيّ الأمي الرسول به محمد بن عبد الله الهاشمي صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله كما وقعت على إبراهيم وآله، والله حميد مجيد.
وأعوذ بالله أن أشغل الناس عن تلاوة القرآن وتدبره ببحوث قاصرة أشفقت قبل كتابتها فترددت أكثر مما عزمت إشفاقا على نفسي أن أحشر يوم القيامة مع الذين فتنوا الناس بزخرف القول عن تدبر القرآن العجب.
وإن الأداء لهو المعول في حفظ القرآن ، إذ يعني الأمانة بالتزام القراءة التي تلقى المتأخر بها القرآن من شيخه أداء متصلا عن شيوخه إلى آخر السلسلة المتصلة بأحد الرواة عن القراء السبعة أو العشرة أو غيرهم.
ولن تصح المحافظة على الأداء إلا من واحد من اثنين :
1.  متعلم اقتصر على رواية واحدة من طريق واحدة فحفظ بها القرآن حتى أضحى كالأشرطة والاسطوانات التي يسجل فيها الكلام ولا تملك له تحريفا ولا تبديلا ولا تغييرا.
2.    متخصص قرأ بأكثر من رواية أو بأكثر من قراءة بالأداء المتصل بشرطه وهو تحرير الطرق وعدم تركيبها
وإن تحرير الطرق ليعني التقيد بالأداء الذي تلقاه المتأخر عن شيخه قراءة عليه لا تحديثا بأحرف الخلاف.
ولقد حسب البعض أن تحرير طرق القراءات يعني إلزام الناس ومنهم العوام أن يقرأوا برواية حفص أو قالون مثلا لا يحيدون عن طريق الشاطبي قيد أنملة ولو إلى طريق من طرق ذلك الراوي المقروءة الثابتة الموافقة لقراءة متواترة أخرى.
وحسب البعض أن تحرير الطرق هو تلكم الأوجه المتعددة التي تحصل من الضرب والافتراضات وامتلأت بها شروح الشاطبية كغيث النفع وحرصوا عليها إذ تزيد من الهوة بين القراء وغيرهم من الأعلام كالمفسرين والمحدثين.
وليس الأمر كذلك وإنما تحرير الطرق هو تتبع الأداء مقرونا بالنص أو مفصولا عنه ـ كلاهما سواء ـ من طريق التيسير أو الحرز أو الطيبة أو النشر أو غيرها إلى نهاية السلسلة أي إلى الراوي أو القارئ في هذه المرحلة قبل الحاجة إلى تجاوزها .
وحينئذ سيجد الباحث المتخصص نفسه أمام ملتقى للطرق فإذا به حيران لا يدري أيّا من الطرق المتشعبة هي امتداد الطريق الواحد لهذا الحرف بعينه من أحرف الخلاف ؟ أم  أن كلا منها رغم تعددها هي امتداد طريقه ؟
وعلى الباحث المتخصص البدءُ أولا بالأداء وبطرح التحديث والقياس جانيا ، ثم يثني إن شاء بوجه الاختيار من بين المرويات أداء .
وليستأنس بالتحديث في هذه المرحلة الابتدائية ، ولكن لا يقيس عليه نظائره فيقرأ بها القرآن .
وليقذف بالقياس بعيدا من مكان بعيد إذ القرآن غني عنه، تواتر قبل نشأته في القرن الثالث فما بعده .
إن النشر في القراءات العشر قد حوى طرق ابن الجزري إلى القراء العشرة وهي أمهات النشر أي المصنفات التي قرأ بها وتضمن النشر تعدادها واختار من بينها لكل واحد من العشرة ما أذن في إقرائه وهو ما تضمنته طيبة النشر إلا أحرفا يسيرة خرج فيها ابن الجزري عن طرق طيبته وذكرها في الطيبة للفائدة والعلم لا غير إذ بيّن في النشر حالها وطرقها فأضحت واضحة كالشمس لا تخفى على غير الأعشى.
وكان ولا يزال منذ ظهور كتاب النشر على الباحثين المتخصصين النظر في كل حرف من أحرف الخلاف : فإن كان خلافا بسيطا أي عن القارئ أو الراوي فقد كفي المشقة كما هو الخلاف عن الراوي ورش خلافا مفرعا كل من الأزرق عنه والأصبهاني عن أصحابه عنه ، كما في طيبة النشر " وصل اصطفى جد " اهـ  يعني الوجهين عن ورش في قوله تعالى ﴿أصطفى البنات على البنين﴾ الصافات، بهمزة القطع من طريق الأزرق عنه، وبهمزة الوصل من طريق الأصبهاني عن أصحابه عنه.
وكما في طيبة النشر: "وإن يجر زن خلفه " اهـ
يعني الوجهين عن قنبل في التنوين المجرور قبل همزة الوصل فضم النون الساكنة فيه من طريق ابن مجاهد عنه وكذلك عنه في جميع التنوين.
وكسر النون الساكنة فيه ابن شنبوذ عنه.
ولا إشكال في هذا الخلاف البسيط.
أما الخلاف المعقد الذي تلتبس فيه الطرق وتتشعب فلا مناص معه من الرجوع إلى الأداء الذي تلقاه المصنف من طرق الرواة وما تضمنه كتابه مما قرأ به وهو طرق الكتاب، ومما لم يقرأ به وهو ما خرج فيه عن طرق كتابه.
ولنضرب مثلا بحرز الأماني للشاطبي رحمه الله إذ ضمّن نظمه الحرز أداءات خارج التيسير، وكلها منصوصة في كتب أقدم من التيسير للداني وهي كالتالي: 
( 1 )
 رواية ابي نشيط عن قالون 
قرأ بها / عبد المنعم في الإرشاد ـــــ صالح بن إدريس ــــــ القزاز ــــــ ابن الأشعث ـــــــ أبي نشيط ــــــ قالون 
=
وقرأ بها الشاطبي زيادة على التيسير بل من غير طرق الداني كلها على شيخه النفزي ــــــ ابن غلام الفرس ـــــــ ابن شفيع ـــــــ ابن سهل ــــــــ ابن غصن الطائي ــــــــ على أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون( ت 389 هـ ) في الإرشاد 
( 2)
 طريق الأزرق: 
/
قرأ بها الداني في جامع البيان على شيخه الخاقاني ـــــــ الأنماطي ــــــ الخياط ـــــــ النحاس ــــــــ الأزرق 
=
وقرأ بها الشاطبي في الحرز على شيخه النفزي ـــــ ابن غلام الفرس ـــــــ أبي داوود ـــــــ الداني 
( 3 )
 رواية دوري أبي عمرو 
قرأ بها عبد المنعم بن غلبون ــــــ المجاهدي ـــــــ ابن مجاهد خارج التيسير ـــــــ أبي الزعراء ــــــ دوري أبي عمرو 
=
وقرأ بها الشاطبي في الحرز ـــــــ النفزي ـــــــ ابن غلام الفرس ـــــــ كل من شيخيه ابن الدوش وأبي داوود كلاهما ـــــــ الداني في المفردات السبع ؟ ــــــ طاهر في التذكرة ــــــ عبد المنعم بن غلبون .
( 4)
 رواية دوري أبي عمرو 
/
الطرسوسي ( ت 420 هـ ) في المجتبى ــــــ السامري ـــــــ ابن مجاهد خارج السبعة ـــــــ أبي الزعراء ـــــــ دوري أبي عمرو 
=
 قرأ بها الشاطبي ــــــ النفزي ــــــ ابن غلام الفرس ــــــ ابن شفيع ـــــــ ابن سهل ــــــ الطرسوسي 
وهكذا سلمت الشاطبية من كل أداء غير منصوص رغم عدم طعني في الأداء غير المنصوص لكن اقترانهما أكبر وأقرب إلى وصف القرآن الموصوف بأنه كتاب أي مكتوب وقرآن أي مقروء .
ولقد نظمت زيادات الشاطبية على التيسير أثناء دراستي الطيبة والشاطبية في سنة 1989 هـ  بقولي :
أيا قارئ التيسير راع طريقــــه           وما زاد فيه الحرز عنه تحـوَّلا
فدوري أبي عمرو وبز ومعهما ابــــــــــــــــــــــــــــــــــــن ذكوان عن عبد العزيز تحمـُّلا
وعن نجل خاقان للازرق وحــــده        وعن طاهر حفص وبزَّارُ فاعقلا
وعن فارس الباقي وزاد لشعبــــة      طريقا فذي خمسٌ وعشر فحصّلا
وما فيه(ها) في النزع والشمس غير(را)       لأزرقهم عن طاهر قد تقبـــّلا
وللحرز للقزاز ثم ابن أشعــــــث       فزد لأبي نشيط حبلا موصــلا
وزاد إلى خياط نحــــــاس أزرق       وزاد لدوري البصر حبلين فاعقلا
قلت وإنما يعني خروج الشاطبي عن طريقه إذا خالف طريق التيسير المعروفة وخالف الأداءات الأربعة المبينة آنفا كأن يتضمن حرز الأماني للأزرق أداء ليس من طريق التيسير ولم يروه الشاطبي عن شيخه النفزي عن ابن غلام الفرس عن أبي داوود عن الداني عن خلف بن إبراهيم بن خاقان  عن الأنماطي عن الخياط عن النحاس عن الأزرق
والفرق بين هذه الزيادة للشاطبي على التيسير أن طريق التيسير للأزرق هي قراءة الداني على شيخه خلف بن إبراهيم بن خاقان عن ابن أسامة التجيبي عن النحاس عن الأزرق، أما زيادة الشاطبي فمن قراءة خلف بن خاقان على الأنماطي، ويعني أنها تضمنت طريق ابن خاقان عن الأنماطي عن الخياط وهي الزيادة على التيسير التي هي طريق ابن خاقان عن ابن أسامة.
إن خروج المصنف عن طريقه أي عن الأداء الذي تلقّى عن شيخه ليعني إحدى الاحتمالات التالية:
1.    موافقة أداء منزل وهو ما يسمى بتركيب الطرق وهو رغم ما فيه من العيوب قد لا يعترض عليه مادام دورانه في فلك الرواية وإنما يعترض عليه من حيث إمكانية تعدده حتى تصبح الروايات بالآلاف مما يقلب الأمر من السهولة إلى التكلف ومن اليسر إلى العسر ويشغل الناس عما كلفوا به من تدبر القرآن وتعقله وفقهه، ولا يعتبر العدول إلى صحيح الروايات بدل رواية عسر أو شق أو خفي أداؤها من القياس بل هو الرواية والنص والأداء الواجب اتباعه .
2.  موافقة التحديث بحرف من أحرف الخلاف حرصا على تميّز هذه الرواية أو تلك كأنما هو الغاية أو هو الشرط لتواتر القرآن ، وإلا فالاكتفاء بالأداء المنزل للجماعة أقرب إلى الرشد وإلى الأمانة العلمية من لهجة أو قياس تفرد به أحد الرواة فخالف الجماعة .          
ولإيضاح التحديث فإليكم نموذج الفرق بينه وبين الأداء من أسانيد الداني لكتابه التيسير، قال أبو عمرو الداني:
"فأما رواية قالون عنه فحدثنا بها أحمد بن عمر ابن محمد الجيزي قال أخبرنا محمد بن أحمد بن منير قال حدثنا عبد الله بن عيسى المدني قال حدثنا قالون عن نافع" اهـ
"وقرأت بها القرآن كله على شيخي أبي الفتح فارس بن أحمد بن موسى بن عمران المقرئ الضرير الحمصي وقال لي قرأت بها على أبي الحسن عبد الباقي بن حسن المقرئ وقال قرأت على إبراهيم بن عمران المقرئ وقال قرأت على ابي الحسين أحمد بن عثمان بن جعفر بن بويان المقرئ وقال قرأت على أبي بكر أحمد بن الأشعث وقال قرأت على أبي نشيط محمد بن هارون وقال قرأت على قالون وقال قالون قرأت على نافع اهـ
فالأول تحديث بأحرف الخلاف دون المتفق عليه من كلمات القرآن، والثاني أداء متصل بتلاوة القرآن كله أي بالمتفق عليه وبالمختلف فيه من أحرف الخلاف.
قلت: ولقد وقع في كتب المصنفين اعتماد على التحديث دون التلاوة ومنه على سبيل المثال:
ـ طريق عبد الواحد بن عمر عن ابن الحباب عن البزي ، قال ابن الجزري في النشر (1/117) :"إلا أن ابن عمر قرأ الحروف" اهـ بلفظه يعني أن عبد الواحد بن عمر لم يتلقّ رواية البزي أداء وإنما بأحرف الخلاف .
ـ طريق ابن مجاهد من كتاب السبعة عن الأزرق الجمال عن الحلواني عن هشام عن ابن عامر ، قال ابن الجزري في النشر (1/137) :"إلا أن ابن مجاهد قرأ الحروف دون القرآن" اهـ بلفظه يعني أن ابن مجاهد لم يتلقّ رواية هشام من الطريق المذكورة أداء وإنما تحديثا بأحرف الخلاف .
ـ طريق النحاس والخلال عن أبي عيسى بكار بن بنان البغدادي عن الصواف عن أبي حمدون عن يحيى بن آدم عن شعبة ، قال ابن الجزري في النشر (1/149) :"إلا أن النحاس والخلال قرآ عليه الحروف" اهـ بلفظه
ـ طريق شعيب عن يحيى بن آدم عن شعبة ، قال في النشر (1/150) :"والصحيح أن شعيبا سمع منه الحروف" اهـ بلفظه
ـ طريق يحيى بن آدم عن شعبة ، قال في النشر (1/151) :"والصحيح أن يحيى بن آدم روى منه الحروف سماعا وأن يحيى العليمي عرض عليه القرآن" اهـ بلفظه                                         
3.  السقوط في هوة القياس وهو الأدهى والأمرّ إذ يعني الإعراض عن الأداء المنزل المتفق عليه واستبداله بأداء غيره حرصا على التقيد بقاعدة نحوية قرئ بها بعض نظائرها فقاس المصنفون عليها سائر نظائرها وليلبسوا الروايات المتأخرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لباس القداسة وأنها كلها هكذا من ألفها إلى يائها هي أداء منزل من عند الله.
ويترتب على العلم بتلك المواطن مسؤولية ينوء بها المتخصصون أئمة القراءات ليعودوا بالأمة إلى أداء المصاحف العثمانية الخالية تماما من القياس.
وأما ثاني نتائج تحرير الطرق ـــــ من الزاوية التي أنظر من خلالها ــــــ فهو الاقتراب شيئا فشيئا ــــــ كلما أوغلنا في تحرير الطرق ـــــــ من العودة إلى أداء المصاحف العثمانية.
ولأن النشر وطيبته هما أكبر أمهات القراءات المتلوة اليوم فقد استعنت الله في تحرير طرق كل منهما ، جهد بدأته منذ سنة 1409 هـ ولم أفرغ منه بعد، ولعلي إن توفرت الأسباب أفرغ منه إن شاء الله تعالى.
وثمت فرق كبير بين تحرير طرق النشر وتحرير طرق طيبة النشر.
أما تحرير طرق طيبة النشر فيعني تتبع أوجه الخلاف فقط عن الرواة وطرقهم وحصرها وعزوها ليعلم الذين رووا هذا الوجه دون سائر الآخذين معهم أي من شاركوهم في الرواية عمن سبقهم.
ولن يصح تتبع طرق طيبة النشر إلا من خلال النشر تتبعا بحصر طرق هذا الوجه في حرف من حروف الخلاف وحصر طرق الوجه الثاني والثالث إن وجد أي تسميتهم.
وسأضرب مثلا، قال في الطيبة: "واقصر ـــــــ أن رأه زكا بخلف"اهـ
يعني أن لقنبل الوجهين في ﴿أن رآه استغنى﴾:
وجه من طريق ابن مجاهد وابن شنبوذ كلاهما عنه بقصر الهمزة أي هو طريق النشر والطيبة والحرز والتيسير.
ووجه آخر عن قنبل وافق فيه الجماعة أي بمد الهمزة بألف
والوجهان من طريق ابن مجاهد في الكافي وتلخيص ابن بليمة .
والوجهان من غير طريق ابن مجاهد في التذكرة (ص 633) لطاهر بن غلبون وفي التجريد لابن الفحام.
والوجهان كذلك عن عبد المنعم بن غلبون كما في المالقي شارح التيسير.
والوجهان كذلك عن أبي أحمد السامري إذ روى عنه فارس بن أحمد القصر، وروى عنه ابن نفيس المد.
والوجهان كذلك عن زيد بن أبي بلال إذ روى عنه كل من أبي الفرج النهرواني وأبي محمد ابن الفحام القصر، وروى عنه عبد الباقي بن الحسن المد.
وقطع له الداني في التيسير بالقصر يعني أن الداني في التيسير قد أخذ برواية ابن مجاهد عن قنبل وخالف اختيار ابن مجاهد.
ولا يخفى أن طريق الداني إلى قنبل هي قراءته على فارس بن أحمد عن السامري عن ابن مجاهد عن قنبل.
وقال الشاطبي تعليقا على رواية ابن مجاهد القصر وتغليطه شيخه قنبلا:
       وعن قنبل قصرا روى ابن مجاهد   رآه ولم يأخذ به متعملا
قلت: وليعلم الباحثون والقراء المعاصرون أن من رواة القصر عن ابن مجاهد من ليسوا من طرق النشر وإنما ذكرهم في النشر لبسط الطرق ولكن ليسوا من طرق النشر المقروءة أي ليسوا من طرق الطيبة.
وتنحصر طرق النشر المقروءة وطرق الطيبة في ما اعتمده ابن الجزري في النشر من أمهات النشر لكل راو من الرواة عن العشرة كما هو مفصل في أسانيده عنهم.
وهكذا كان من رواة القصر عن ابن مجاهد :
1.    بكار بن أحمد المرقم في غاية النهاية برقم 823 من طريق غاية أبي العلاء والكفاية الكبرى للقلانسي والكامل للهذلي
2.    المطوعي المرقم في غاية النهاية برقم 978 من طريق المبهج لسبط الخياط والكامل للهذلي والكفاية الكبرى للقلانسي
3.    الشنبوذي المرقم في غاية النهاية برقم 2701 من طريق المستنير لابن سوار والمبهج لسبط الخياط والكفاية الكبرى للقلانسي
4.    عبد الله بن اليسع الأنطاكي المرقم في غاية النهاية برقم 1903 من طريق المستنير
5.    زيد بن أبي بلال المرقم في غاية النهاية برقم 1308 من طريق المستنير والكفاية الكبرى للقلانسي .
وخلت طرق النشر لقنبل من هؤلاء الخمسة كما هو مبسوط في النشر.
وكان من رواة المد عن قنبل أبو بكر الزينبي المرقم في غاية النهاية برقم 3489 وليس من طرق النشر البتة لأن طريقي النشر لقنبل هما ابن مجاهد وابن شنبوذ ولكل منهما طريقاه المباشرة عنه وليس منها الزينبي هذا، وكذلك نص عليه ابن الجزري في النشر (2/335) تعليقا على إلحاق حرفي آل عمران والواقعة بتاءات البزي قال "لأن طريق الزينبي لم يكن في كتابنا وذكر الداني لهما في تيسيره اختيار والشاطبي تبع إذ لم يكونا من طرق كتابيهما وهذا موضع يتعين التنبيه عليه ولا يهتدي إليه إلا حذاق الأئمة الجامعين بين الرواية والدراية والكشف والإتقان والله تعالى الموفق" اهـ بلفظه 
قلت وهو صريح في أن الزينبي ليس من طرق النشر البتة وأن النشر وكذا التيسير والشاطبية قد حوت ما ليس من طرقها وليس من الأداء المتصل الذي شرطه مؤلفوها.
قلت: والقصر من طرق النشر والطيبة لأن فارس بن أحمد قرأ به على السامري كما تقدم وتلك طريق التيسير والحرز لا غيرها ، ولأنه أحد الوجهين عن ابن مجاهد في الكافي لابن شريح وفي تلخيص ابن بليمة، ولأنه أحد الوجهين من غير طريق ابن مجاهد في التجريد والتذكرة .
والمد كذلك من طرق النشر والطيبة كما تقدم ولكن ليس من طرق الحرز ولا التيسر وإن أخذ به لهما المتأخرون مثل عبد الفتاح القاضي وغيره لاقتصارها على قراءة الداني على  أبي الفتح على السامري على ابن مجاهد عن قنبل وهذه بالقصر كما تقدم وكما اقتصر عليه الداني في التيسير.
وقد تأتى لي هذا التحرير من تقصّي ما نشره ابن الجزري في نشره هذا الحرف من أحرف الخلاف في فرش سورة العلق ومن تتبعه أسانيد النشر لرواية قنبل، ومن مقارنتها بأمهات النشر المتاحة .
ومن يكتف بتقصّي طرق أحرف الخلاف في مواضعها من النشر وحده فهو العاجز الكسول الذي أخلد إلى الراحة وقصر سعيه عن التحرير وآثر التقليد والاكتفاء بجهد من سبقه من الباحثين إلا أن يقارن بينها وبين أسانيد ابن الجزري لذلك الراوي أو لتلك الطريق بعينها، وإلا أن يتجاوزها لحصر سائر الطرق التي سكت عنها ابن الجزري وأجملهم في قوله "وغيرهم” اهـ وكثيرا ما يقولها كما في بيانه في النشر (2/11) طرق ابن كثير التي أدغمت قوله تعالى ﴿اركب معنا﴾ قال ابن الجزري :"فأما ابن كثير فقطع له بالإدغام وجها واحدا مكي وابن سفيان والمهدوي وابن شريح وابن بليمة وصاحب العنوان وجمهور المغاربة وبعض المشارقة" اهـ بلفظه محل الغرض منه ، قلت : ولا يعسر تفصيل هذا المجمل في النشر لأن لأبي العز القلانسي الوجهين لكل من البزي وقنبل في الكفاية الكبرى (ص 191-192)، ولأبي معشر الطبري الإدغام قولا واحدا للبزي، وبالوجهين لقنبل في التلخيص (ص 145) ، ولابن مهران في غايته الإدغام وجها واحدا لابن كثير المكي (ص 84 ) ... إلخ أمهات النشر من الطرق المشرقية.
ومن الأمثلة كذلك قوله في النشر (2/313) :" واختلفوا في ﴿من لدني﴾ فقرأ المدنيان بضم الدال وتخفيف النون وروى أبو بكر بتخفيف النون واختلف عنه في ضمة الدال فأكثر أهل الأداء على إشمامها الضم بعد إسكانها وبه ورد النص عن العليمي وعن موسى بن حزام عن يحيى وبه قرأ الداني من طريق الصريفيني ولم يذكر غيره في التيسير وتبعه على ذلك الشاطبي وهو الذي في الكافي والتذكرة والهداية وأكثر كتب المغاربة ...." اهـ محل الغرض منه وهو قوله " والتذكرة " اهـ أي تذكرة أبي الحسن طاهر بن غلبون في القراءات الثمان إحدى أمهات النشر ولم يأت ذكرها ضمن أسانيد ابن الجزري لشعبة.
وأما تحرير طرق النشر فمنه تحرير طرق المقروء منه وهي طرق الطيبة كما تقدم، ومنه زيادة تحرير طرق النشر غير المقروءة وتتبع جميع ذلك من أمهات النشر المعلومة.

طالب العلم/ الحسن بن ماديك


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top