بسم الله الرحمان
الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد:
فإن
البحث العلمي المجرد أيا كان ميدانه هو الخطوة الصحيحة على الطريق الموصل إلى
سعادة البشرية التي لن تحقق نجاحا أو تقدما في علم من العلوم التجريبية أو التقنية
أو الدينية أو الأدبية أو الإنسانية إلا به، ولكل تخصص علمي أدواته ووسائله الخاصة
به يتمكن بها الباحثون المتخصصون من التقدم العلمي إن لم يتعثروا في هوة الانحطاط
بسبب الأخطاء العلمية أو المنهجية.
وإنما
الثابت المقدس هو الحقيقة العلمية الابتدائية أو المتوسطة أو الكلية، سواء اطلع
عليها الناس أم غابت عنهم، وسواء وافقوها أم خالفوها بعضهم أو جميعهم، ولن يصح
اتخاذ الإجماع معيارا لمعرفة الحق أو الحقائق العلمية كما شاع وذاع في بعض العلوم
الدينية أكثر من غيرها إذ كان على رأس أخطاء الباحثين فيها اعتبار الإجماع دليلا
على أن المجمع عليه من الحقائق المقدسة التي يجب وصف مخالفها بالشذوذ والردة كما
شذ "كاليلي" إلى الحقيقة العلمية يوم قال بدوران الأرض وخالف ما أجمع
عليه أهل الأرض يومئذ، وكان إعدامه إعلانا لنشأة خطإ منهجي ارتضاه رجال الدين في
الكنيسة يقضي بمصادرة حرية الرأي والفكر والاجتهاد ويقضي بفرض التقليد، قضاء باسم
الدين وباسم الله كذبا وافتراء.
لقد
أخطأ رجال الدين في الكنيسة الذين أعدموا "كاليلي" خطأين منهجيين:
أولهما أن حسبوا فهمهم الكتاب المنزل أي فقههم منه معيارا للحق فقدّسوا فقههم
ووصفوا بالكفر والردة كل من خالفه وعاقبوه باسم الله كذبا وافتراء عليه، وثانيهما
أن فرضوا التقليد على الناس وأغلقوا دون الاجتهاد والبحث العلمي بابا وخدّروا
العقول لئلا تفكر أو تتأمل أكثر أو أبعد مما توصل إليه رجال الدين يومئذ.
ولا
يزال الخطأ المنهجي ينأى بصاحبه عن موافقة الحق سواء كان متعمّدا أو من غير قصد،
وليت شعري ما الفرق بين رجال الدين في الكنيسة الذين أعدموا "كاليلي"
وبين فرعون ذي الأوتاد إمام فلسفة الاستخفاف بالرعية التي سجَّلها القرآن كما في
قوله ﴿قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾ غافر، ومن
المثاني معه قوله ﴿وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إلـه غيري﴾ القصص،
ويعني أنه قد حجر على سمعهم وأبصارهم وآرائهم وفرض عليهم تقليده وأن لا يروا رأيا
إلا رأيا رآه هو لهم ولا يعلموا من العلم إلا ما علمه هو لهم، ولم يكتف فرعون بذلك
بل أعدم السحرة أن آمنوا برب العالمين قبل أن يأذن لهم كما في قوله ﴿قال فرعون
آمنتم به قبل أن آذن لكم﴾ الأعراف، وقوله ﴿قال آمنتم له قبل أن آذن لكم﴾ سورة طـه،
والشعراء، ويعني أنه لم يكتف بأن ملك وقهر وسخّر أجسامهم بل أراد أن يفعل مثله
بعقولهم وآرائهم وتصوراتهم.
وسار
على منهجه رجال الدين في الكنيسة الذين أعدموا "كاليلي" أن آمن بما لم
يأذنوا له به.
ويعتقد
كثير من الناس أن مدلول كلمة (التراث الإسلامي) يشمل الكتاب المنزّل من عند الله
ويشمل ما صحّ عن النبي الأمي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأعمال وتقارير، ولعلّ
في هذا التصور شيئا من الخلط بين المقدّس وغير المقدس أي بين الوحي المنزل من عند
الله وبين آراء غير المعصومين واجتهادهم وفهمهم، الذي منه الصواب ومنه الخطأ ومنه
السمين ومنه الغثّ ومنه ما دون ذلك.
وإنما
يعني الخلط بين التراث الإسلامي والوحي المنزل إيهام كثير من الناس في الأمّة الأمّيّة
أن الآراء والمذاهب والفرق عبر التاريخ الإسلامي لها نفس العصمة والقداسة التي
للوحي المنزل من عند الله وهيهات أن يسلم هذا التصور من المقال والرَّدِّ، وإلا
فكيف يَـحْملنا التقليد والتعصب للتراث على القول: إن جميع الآراء والمذاهب والفرق
المختلفة والمتناقضة داخل التراث الإسلامي هي كلها حق وصواب رغم الاختلاف والتناقض.
لقد
عانى المسلمون عبر التاريخ بسبب أخطائهم المنهجية تمزقا وانحطاطا وقهقرى وأذهب ريحَهم
فلم يستطيعوا ردّ صولة الغزاة الطامعين كالمغول وتيمورلنك وغيرهم من الذين قهروا
الأمة واستضعفوها قديما وحديثا وأركسوها في عصور الانحطاط بعد أن مزّقتها الأهواء
والآراء والفرق والمذاهب وشغلتها عن تدارس القرآن العجب الذي يهدي إلى الرشد وللتي
هي أقوم.
إن
الباحثين عن الحق لهم أن يستدلوا بالنقل ثم بالعقل بعيدا عن منهج رجال الدين الذين
أعدموا "كاليلي" أن قال بدوران الأرض تعصّبا لما وصل إليه فقههم يومئذ
من الكتاب المنزل، وبعيدا عن منهج فرعون المذكور.
وأول
ما ينحرف بالبحث العلمي المجرد ويبعده عن أهدافه وغايته هو التقليد الذي يعني
تعطيل السمع والبصر والعقل والفكر عن البحث والتأمل والاستنباط والنقاش، ومن العجب
أن يقوم المقلِّدُ ـ بصيغة اسم الفاعل ـ باختياره وملء إرادته وبدافع اعتقاد صلاح
دينه ودنياه وأمره كله ـ بتعطيل سمعه
وبصره وفكره وعقله، ويجرّد نفسَه مما شرُف به وتميّز عن الدواب والأنعام وهو
التكليف باستعمال السمع والبصر والعقل أدوات للفقه والدراية والعلم ليزداد فقها وعلما،
ولكأني بالمقلِّدين ولو حفظوا مئات المتون والمجلدات قد أصبحوا نسخا أخرى من الكتب
التي حفظوها ولن تستفيد الأمة ولا البشرية باستنساخ مليارات النسخ من المتون
القديمة، ولا فرق بين هذه النسخ من كتب التراث على الورق أو في حافظة رجال حفظوها
وعطّلوا سمعهم وأبصارهم وفكرهم وعقولهم وجرّدوا كلا منها من وظائفه التي من أجلها
خلق، وأصبحوا ممن لهم قلوب لا يفقهون بها وأعين لا يبصرون بها وآذان لا يسمعون بها.
وإنه لا فرق بين المقلدين الذين حفظوا المتون وبين الأسطوانات والأشرطة التي سجّلت
فيها تلك المتون كلاهما لا يقوم بتوظيف ما بداخله من الكلام والتراث.
أولئك
المقلّدون ابتليت بهم الأمة وأوقعوها في الذل والانحطاط منذ عشرات القرون فلم
تستطع دفع صولة القرامطة والحشاشين والمغول وتيمورلنك ولا الاستعمار الغربي ولا
تزال عرضة لمزيد من التمزق والانحطاط والقهقرى عن أسباب الإبداع والبناء والقوة.
ولعل
من مظاهر الذل والضعف والهوان الذي ارتكس فيه المسلمون اليوم أن أصبحوا أذل من
اليهود الذين ضربت عليهم الذّلة والمسكنة ولم يغن عن المسلمين في عصرنا الحاضر
رجال الدين الذين امتلأوا حماسا وحفظوا من المتون والتراث ما تنوء بمفاتيحه العصبة
أولوا القوة.
وأما
ثاني أسباب انحراف البحث العلمي المجرد عن غايته وأهدافه فهو الـحَجْر على أدوات
البحث العلمي أي تعطيل السمع والبصر والعقل والفكر رغم أنوف أصحابها كما حجر رجال
الدين في الكنيسة على سمع الناس وبصرهم وعقولهم وأحرقوا بالنار "كاليلى"
نكاية به أن استعمل سمعه وبصره وعقله وفكره فيما لم يأذنوا له به.
وكما
حجر فرعون ذو الأوتاد على أدوات البحث العلمي وفرض على قومه أن لا يروا إلا رأيا
رآه هو لهم وأن لا يعلموا من العلم إلا ما علمه هو لهم.
ذالكما
السببان هما من أكبر موانع وصول البحث العلمي المجرد إلى غايته التي هي استنباط
الحقائق الابتدائية أو المتوسطة أو الكلية لتزداد بها البشرية سعادة وتقدما وسِلما
وأمانا ...
أما
الأخطاء المنهجية التي يتعثّر بها البحث العلمي المجرد في هوّة سحيقة ينتكس فيها
ولا يقوم أبدا فهي:
ـ
التعصب لرأي أو مذهب هو من التراث أي من إنشاء البشر واعتباره هو الحق وحده، ولا
يقع هذا التعصب للرأي إلا ممن استخفّ بآراء الغير وعقولهم، واعتقد أنه قد بلغ
مرتبة الكمال المطلق كما هو لسان حال جهله المطبق.
ـ
الغلو والتطرف وهو أكثر من التعصّب إذ هو مبالغة من المقلد المتعصب لرأيه أو مذهبه
أو سياسته تعصّبا تجاوز الاستعداد للتلقّي من الرأي الآخر إلى محاولة قمعه وكبته.
فكل
من التعصب للرأي والغلوّ والتطرف في الآراء خطر عظيم يهدد السلم الاجتماعي في ظل
تعدد الآراء والباحثين الساعين إلى الوصول إلى الحقائق في شتى الميادين.
ولم
توجد الأخطاء المنهجية عبر التاريخ إلا في العلوم الأدبية أعني العلوم الدينية
والتاريخية والاجتماعية ... إذ خلت البحوث العلمية التجريبية كالهندسة والطب والفيزيا والكيميا من التعصب لمستوى البحث العلمي
الذي وصل إليه الباحث.
وإن الكتاب المنزل على خاتم النبيين صلى
الله عليه وسلم لبريء من التقليد ومصادرة حرية الرأي والفكر والتأمل والاجتهاد
والبحث العلمي بدليل قوله تعالى ﴿وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قل لا
تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون﴾ سبأ، منهج مُنصِف يأمن في ظلاله المخالفُ
من تعصّب الطرف الآخر وتطرفه وغلوّه ويأمن غَدْرَه وصولَته، ويمنح الباحثَ المتجرد
ـ من التعصب والتطرف ـ احترام المخالفين رأيه ويجعلهم على استعداد للتلقّي والنقاش
والحوار ليصلوا جميعا إلى الهدف السامي بعد تحرير البحث العلمي المجرد.
وإن
أكبر الكليات وأقدس المقدسات لحقيقة وحدانية الله وأن لا شريك له وأنه لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفؤ ولا شبيه ولا مثل ولا ند، وتضمن القرآن والكتاب المنزل من عند
الله هـذه الحقائق دون أن يصادر حرية الرأي والتأمل والفكر والبحث العلمي ودون أن
يفرض تقليدها على الناس ومنهم المخالفون، وإنما بالأمر باستعمال كافة أدوات البحث
العلمي كالسمع والبصر والتأمل والفكر والعقل كما في قوله:
ـ ﴿ أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم
من السماء والأرض أإلـه مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ﴾ النمل
ـ ﴿ أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا
برهانكم ﴾ الأنبياء
ـ ﴿ ومن يدع مع الله إلـها آخر لا برهان
له به ﴾ الفلاح
ـ ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا
على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلـها لقد قلنا إذن شططا هـؤلاء قومنا
اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن ﴾ الكهف
ـ ﴿ ويوم يناديهم فيقول أين شركائي
الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم ﴾ القصص
ويعني
حرف النمل أن الله أمر الناس بالتأمل والنظر والبحث العلمي وسيعلمون أن الذي يبدأ
الخلق ثم يعدمه ثم يعيده والذي يرزق من السماء والأرض هو الله وحده لا شريك له فمن
لم يفقه ذلك بعد التأمل والنظر واتخذ مع الله شريكا فليأت ببرهانه ودليله على أن
لشريكه من الخلق والقدرة مثل ما لله.
ويعني
حرف الأنبياء أن الله أمر من اتخذ من دونه آلهة أن يأتي ببرهانه أي دليله عليه.
ويعني
حرف الفلاح أن القاصر المقلد الذي لم يتأمل ولم يبحث هو الذي يدعو مع الله إلـها
آخر لا برهان له به وإنما بسبب التقليد.
ويعني
حرف الكهف أن الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى قد علموا أن من دعا إلـها دون رب السماوات والأرض قد قال
شططا إذ خالف الصواب، وأقرّ القرآن الفتية إذ أنصفوا قومهم المشركين فسألوهم
سلطانا بيّنا أي دليلا وحجة على أن آلهتهم هي رب السماوات والأرض الذي خلقهن ويدبر
الأمر فيهن.
ويعني
حرف القصص أن الله قبل أن يعذب المشركين يوم القيامة سيسألهم برهانهم ودليلهم على
أن شركاءهم في الدنيا كانوا شركاء لله حقا وإذن فلينصروهم من العذاب في الآخرة.
إن
طلب البرهان والدليل العقلي والعلمي من المخالف في الكتاب المنزل من عند الله
ليتعارض مع مصادرة حرية الرأي والفكر والاجتهاد بل هو تحرير للبحث العلمي المجرد
وإعلان أن حرية الرأي والفكر والعبادة والسلوك حق مشروع لكل إنسان.
وإن
القرآن وهو هـكذا يناقش ويحاور في أعظم المقدسات لبريء من التقليد والحجر على
الرأي والفكر والعقل.
إن
الحقيقة سواء كانت ابتدائية أو متوسطة أو كلية ستبقى كذلك لا تزداد ثبوتا وصحة
بإجماع جميع الإنس والجن عليها ولا تنقص بنكرانهم في عصر من العصور أو عبر
التاريخ، وهكذا فإن شهادة أن لا إلـه إلا الله وأن محمد رسول الله لكلية من
الكليات ستبقى كذلك لا تنقص بإنكار المنكرين ولا تزيد بإقرارهم.
ولنا
أن نتذكر يوم أنكر أهل الأرض جميعا وحدانية الله قبل أن يخالفهم كل من نوح وإبراهيم
وحده بإعلان التوحيد.
إن
الإجماع على ما في الكتاب المنزل من عند الله وعلى ما جاء به النبي صلى الله عليه
وسلم من العلم والتشريع مع القرآن لا يزيد الوحي قوة في الدليل على قوته، غير أن
إجماع أهل الأرض أو أهل العلم على حقيقة هو الذي يزداد به إيمان المجمعين وعلمهم.
وأما
الإجماع ممن يعتبر إجماعهم على ما لم يتضمنه الكتاب المنزل والأحاديث والسنن
النبوية فلا خلاف في الأخذ به في التشريع كالمعاملات قبل ظهور الحكم الشرعي من
الكتاب المنزل الذي تضمن تفصيل كل شيء ولم تستكمل الأمة الأمية بعد دراسته بل
ستظهر معانيه ودلالاته أكثر فأكثر كلما اقتربت الساعة وليعلم الناس رأي العين أن
محمدا مرسل من ربه بالقرآن كما شهد به الله وهو أكبر شهادة.
إنني
أجلّ أصحاب التراث الإسلامي أعني أولئك الأئمة الثقات العدول من القراء والمفسرين
والمحدثين والفقهاء رضي الله عنهم وغفر لهم أجمعين ولكن لم أخلط بين ما نقلوه لنا
عذبا وسلسلا من القرآن والحديث النبوي وبين فهمهم الذي خالفوا فيه ما نقلوه لنا من
الوحي وهذا سرّ الخلاف وكما في الحديث الصحيح "بلّغوا عني ولو آية " وأن
"رب مبلغ أوعى من سامع " وأن "رب حامل فقه إلى من هو أفقه
منه"، ولا يعني الحديث النبوي تكليف المبلَّغ بصيغة اسم المفعول أن لا يفهم
ولا يَعِيَ من العلم إلا ما فهمه المبلِّغ بصيغة اسم الفاعل ولكأن القائلين
بالتقليد وتعطيل أدوات العلم والكسب يخصصون بل ينسخون التكليف المنزل بتدبر القرآن
وبتدبّر آيات الكتاب.
وإني لأستأنس
وليستأنس معي أو بعدي من الأجيال اللاحقة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم كما في
مستدرك الحاكم كتاب العلم الحديث بسنده عن محمد بن جبير بن مطعم: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول وهو بالخيف من مِنًى: "رحم الله عبداً سمع مقالتي
فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فربّ حامل فقه لا فقهَ له وربّ حامل فقه إلى
من هو أفقه منه".
وبحديث
النبي صلى الله عليه وسلم "ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من
يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه " وهو مكرر في
صحيح البخاري وفي مسلم وسنن ابن ماجه والدارمي وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم ومسند
أحمد وغيرها.
بقلم
طالب العلم/ الحسن محمد ماديك
أواخر
سنة 1427هـ