التاء الساكنة الزّائدة على الفعل بصيغة الماضي
تعدَّدتْ معانيها ودلالاتها في الكتاب المنزل وتدورُ حول الشمول والاستغراقَ في تأكيد قَوْلٍ أو فِعلٍ أو سلوك وسواء أُسند إلى الْـمُؤنَّثِ الْـمُفردِ أو إلى جماعة الذُّكور أو إلى مُـجتمَع جمَع بين الذُّكور والإناث أو إلى ما لا يشمله التأنيث والتذكيرُ من الأحياء ونحوِهم ومِن المحسوس في عالم الشهادة أو مِن الغيب الموعود الْـمُنتظَرِ.
وينتقض القول بتخصيص التاء الساكنة الزائدة على الفعل بالتأنيث بتتبع مواضعها في القرآن ومنها:
﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ [التكوير 2]
﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَـهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء 4]
إذ لا تأنيث في النجوم بقرينة ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ [بداية سورة النجم]
ولا تأنيث في الأعناق بقرينة الوصف بـ ﴿لَـهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء ]
وكما تتبعتُه في التفصيل التالي:

ومن معاني الشّمول والاستغراقِ ونفْي التخلُّف والشّذُوذ في التاء الساكنة الزائدة على الفعل بصيغة الماضي قولهُ تعالى في المثاني:
﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء 23]
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ [الانفطار 5]
﴿هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ﴾ [يونس 30]
﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِـي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ﴾ [يونس 54]
ويعني عُموما لا استثناء منه في تحريم نكاح الأمهات وسائر المعطوف عليهنّ.
ويعني أن كلَّ نفْسٍ ستُنَبَّاُ بعرْضِ ما سلَفَ من أعمالِها وبما قدَّمَتْ فِي حياتِها من عمل ومَا أخّرتْهُ من آثار أعمالِها فاهتدَى به أو ضَلَّ من عاشوا بعدها عَرْضًا يحْصُل به العلم أنّ الله لا يخفَـى عليه شيْءٌ في الأرضِ ولا في السماء وأنّه عليم بذات الصُّدُور.
ويعني أنَّ كل نفس ظلمتْ لو أنّ لها ما في الأرض جميعا ومثله معه لن تستبقيَ منه نقيرا بل تفتدِي به جميعا عن العذاب.
ومن الأول للاستغراق في تأكيد المفرد المؤنث قوله ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِـي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا﴾ [الذاريات 29] وقوله ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا﴾ [يوسف 24] ويعني أنَّ مُـحاولتَها البطش به أكبرُ من إرادته البطش بها، وكذلك قوله ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ [القصص 10] للدلالة على نسيانها الوعدَ من الله وأنّها أوشكتْ على الصراخ بالبكاء والاستغاثة حتى لا يُذْبحَ وهي ساكتة.
ويَلحقُ بالْـمُسنَدِ إلى الـمُفرَد الـمُؤنّثِ الْـمُثَنَّـى سواء من جنسِ الإناث نحو قوله:
﴿قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾ [القصص 23]
﴿كَانَتَا تَـحْتَ عَبْدَيْنِ﴾ [التحريم 10]
أو مما لا يشمَلُهُ التَّأنيثُ نحو قوله:
﴿فَدُكَّتَا﴾ [الحاقة 14]
﴿كَانَتَا رَتْقًا﴾ [الأنبياء 30]
لأنَّ ضمير التثنية المتصل هو الألِف وحدها كما لا يخفَـى في قوله ﴿وَقَالَا الْـحَمْدُ للهِ﴾ [النمل 15] وقوله ﴿حَتَّـى إِذَا جَاءَانَا﴾ [الزخرف 38] في قراءة أهل الحرميْن والشامي وشعبة.
ومن الثاني لبيان الشمول وتأكيد قول أو فعل أُسْنِدَ لـجماعة الذُكور قوله:
﴿وَمَا مُـحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران 144]
﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [الأعراف 101]
﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ [براءة 70]
﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِـي اللهِ شَكٌّ﴾ [إبراهيم 10]
﴿وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الأحقاف 21]
وأمّا قوله تعالى ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالذِي قُلْتُمْ فَلِـمَ قَتَلْتُمُوهُمْ﴾ [آل عمران 183] فـمُفْرَدَةٌ أي لا نظير له لتجرّده من التّاء الساكنة في نظائره ويعني أَنّ قَتْلَ بني إسرائيل لم يشملْ جميعَ الرُّسُلِ الذين جاءوهم، فذلكم الفَرقُ بين حرف آل عمران هذا وبين قولنا "جاءَتْكم رُسُلٌ مِن قبلي بالبيّنات فقتلتُموهم" أي لم ينْجُ مِن القَتْلِ أحدٌ مِن الرُّسُل.
ومن الثالث: للدّلالة على الشمول وتأكيد قوْل أو سُلُوكٍ أو فعل أُسنِدَ إلى مجتمع جمَع الذكورَ والإناث كما في المثاني:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَـحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة 18]
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِـمَا قَالُوا﴾ [المائدة 64]
﴿قَالَ ادْخُلُوا فِـي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُم مِّنَ الْـجِنِّ وَالْإِنْسِ فِـي النَّارِ﴾ [الأعراف 38]
﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْـجِنُّ ﴾ [بني إسراءيل 88]
﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ [القصص 58]
﴿إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ [الأنبياء 78]
وكذلكم قد ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ تفصيلا في سورة الشعراء وغافر والقمر وفي ق وص، ولا يتأتَّـى وصف التاء الساكنة بالتأنيث لِامتناع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿إِذْ قَالَ لَـهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ﴾ [الشعراء 106] وقوله ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء 106] وقوله ﴿إِنِّـي لَكُمْ﴾ [الشعراء 107] وقوله ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ [الشعراء 108 ـ 110] ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء 108 ـ 110] وقوله ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [الشعراء 109] وقوله ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ﴾ [الشعراء 111] وقوله ﴿قَالُوا لَئِنْ﴾ [الشعراء 116] وقوله ﴿إِنَّ قَوْمِي كَذَبُونِ﴾ [الشعراء 117] وقوله ﴿فَافْتَحْ بَيْنِـي وَبَيْنَهُمْ فَتْـحًا﴾ [الشعراء 118] وقوله ﴿فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا﴾ [القمر 9] وقوله ﴿وَقَالُوا مَـجْنُونٌ﴾ [القمر 9] وقوله ﴿لِيَأْخُذُوهُ﴾ [غافر 5] وقوله ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ﴾ [غافر 5] وقوله ﴿لِيُدْحِضُوا﴾ [غافر 5] وقوله ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ [غافر 5] وغيره.
وكذّبتِ الأحزاب من بعد قوم نوح تفصيلا في سورة غافر ولا يتأتَّـى وصف التاء الساكنة بالتّأنيث لِامتناع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿لِيَأْخُذُوهُ﴾ [غافر 5] وقوله ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ﴾ [غافر 5] وقوله ﴿لِيُدْحِضُوا﴾ [غافر 5] وقوله ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ [غافر 5]
وكذّبتْ عاد تفصيلا في سورة ق وص والشعراء والقمر والحاقّة ولا يتأتّـى وصف التاء الساكنة بالتأنيث لِامتناع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿إِذْ قَالَ لَـهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ﴾ [الشعراء 124] وقوله ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء 124] وقوله ﴿إِنِّـي لَكُمْ﴾ [الشعراء 125] وقوله ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ [الشعراء 126 ـ 131] وقوله ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء 126 ـ 131] وقوله ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ﴾ [الشعراء 127] وقوله ﴿أَتَبْنُونَ﴾ [الشعراء 128] وقوله ﴿تَعْبَثُونَ﴾ [الشعراء 128] وقوله ﴿وَتَتَّـخِذُونَ﴾ [الشعراء 129] وقوله ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ [الشعراء 129] وقوله ﴿تَـخْلُدُونَ﴾ [الشعراء 129] وقوله ﴿بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ﴾ [الشعراء 130] وقوله ﴿جَبَّارِينَ﴾ [الشعراء 130] وقوله ﴿وَاتَّقُوا﴾ [الشعراء 132] وقوله ﴿أَمَدَّكُمْ﴾ [الشعراء 132 ـ 133] وقوله ﴿بِـمَا تَعْلَمُونَ﴾ [الشعراء 132] وقوله ﴿أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ [الشعراء 135] وقوله ﴿قَالُوا سَوَاءٌ﴾ [الشعراء 136] وقوله ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ [الشعراء 139] وقوله ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾ [الشعراء 139] وقوله ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ [القمر 18] وقوله ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيـحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة 6] وقوله ﴿عَلَيْهِمْ سَبْعَ﴾ [الحاقة 7] وقوله ﴿صَرْعَى﴾ [الحاقة 7] وقوله ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ [الحاقة 7] وقوله ﴿فَهَلْ تَرَى لَـهُمْ﴾ [الحاقة 8] ولامتناع تخصيص التأنيث في قوله ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الفرقان 39]
وكذّبتْ ثمود تفصيلا في سورة ق وص والشعراء والقمر والحاقّة ووالشّمس ولا يتأتَّـى وصف التاء الساكنة لِامتناع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿إِذْ قَالَ لَـهُمْ أَخُوهُمْ صَالِـحٌ﴾ [الشعراء 142] ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء 142] وقوله ﴿إِنِّـي لَكُمْ﴾ [الشعراء 143] وقوله ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ [الشعراء 144 ـ 150] وقوله ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ [الشعراء 144 ـ 150] وقوله ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ﴾ [الشعراء 145] وقوله ﴿أَتُتْرَكُونَ﴾ [الشعراء 146] وقوله ﴿ءَامِنِينَ﴾ [الشعراء 146] وقوله ﴿وَتَنْـحِتُونَ﴾ [الشعراء 149] وقوله ﴿فَارِهِينَ﴾ [الشعراء 149] وقوله ﴿وَلَا تُطِيعُوا﴾ [الشعراء 151] وقوله ﴿قَالُوا إِنَّـمَا﴾ [الشعراء 153] وقوله ﴿وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ﴾ [الشعراء 155] وقوله ﴿وَلَا تَـمَسُّوهَا﴾ [الشعراء 156] وقوله ﴿فَيَأْخُذَكُمْ﴾ [الشعراء 156] وقوله ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ [الشعراء 157] وقوله ﴿فَأَصْبَـحُوا﴾ [الشعراء 157] وقوله ﴿نَادِمِينَ﴾ [الشعراء 157] وقوله ﴿فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ﴾ [الشعراء 158] وقوله ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ﴾ [القمر 23] وقوله ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ﴾ [القمر 23] وقوله ﴿فَأَمَّا ثَـمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة 5] وقوله ﴿فَقَالَ لَـهُمْ رَسُولُ اللهِ﴾ [الشمس 13] وقوله ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ [الشمس 14] وقوله ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ [الشمس 14] وقوله ﴿عَلَيْهِمْ﴾ [الشمس 14] وقوله ﴿رَبٌّهُمْ﴾ [الشمس 14] وقوله ﴿بِذَنْبِهِمْ﴾ [الشمس 14] ولامتناع التأنيث في قوله ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الفرقان 39]
ويمتنع وصف أصحاب الرّسِّ بالتأنيث لِمانِع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ق 12] وقوله ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الفرقان 39]
وكذّبتْ قومُ لوط تفصيلا في سورة ص والشعراء والقمر ولا يتأتَّـى وصف التاء الساكنة بالتّأنيث لِمانِع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿إِذْ قَالَ لَـهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٍ﴾ [الشعراء 160] وقوله ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا﴾ [القمر 33] وبقرينة قوله ﴿وَإِخْوَانُ لُوطٍ﴾ [ق 12] يعني بدل "أخواتِ لوط"
وكذلك يمتنع وصْفُ ﴿وَأَصْـحَابُ الْأَيْكَةِ﴾ [ق 12] و ﴿وَأَصْـحَابُ لْئَيْكَةِ﴾ [ص 12] بالتأنيث ولِمانِع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ق 12] وقوله ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ص 12]
ويمتنع وصف فرعون بالتأنيث ولِمانِع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ق 12] وقوله ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ص 12]
ويمتنع وصف قوم تُبَّعٍ بالتأنيث ولِمانِع تخصيص صيغة التأنيث في قوله ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾ [ق 12]
ومن الرابع: للدلالة على الشمول وتأكيد ما لا يشمله التذكير والتأنيث قوله:
﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِـمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة 95]
﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِـي النَّارِ﴾ [النمل 90] وقوله
﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ [يوسف 18] [يوسف 83]
و﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْـحَنَاجِرَ﴾ [الأحزاب 10]
وكذلك المثاني:
﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْـمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ [القتال 27]
﴿وَإِذْ قَالَتِ الْـمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ﴾ [آل عمران 42]
﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْـمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام 61] القراءتان
﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ [هود 69]
﴿وَلَـمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ﴾ [هود 77]    
ويظهر مزيد من التّوكيد في قراءة الجماعة ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران 39] وأكثرَ مما في قراءة حمزة والكسائي وخلف ﴿فَنَادَاهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران 39]
ومن الخامس: لِتأكيد ما أُسند إلى مـحسوسٍ في عالم الشهادة قوله:
﴿قَدْ كَانَتْ ءَايَاتِـي تُتْلَـى عَلَيْكُمْ﴾ [قد أفلح 66]
﴿أَوَلَـمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ﴾ [آل عمران 165]
﴿حَتَّـى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِـمَا رَحُبَتْ﴾ [براءة 118]
﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْـحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [قد أفلح 71]
﴿أَعْمَالُـهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِـي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ [إبراهيم 18]
وإنّ بني إسراءيلَ قد أخذتْهم الصاعقة ـ بالتاء المثناة الفوقية الساكنة بعد الذال المعجمة ـ كما في سورتيْ البقرة والنساء، وكذلك أخذَتِ الصَّاعِقَةُ ثمود تفصيلا في سورة الذاريات.
وإنّ ثـمودَ قد أخذَتْهُم الرّجفةُ تفصيلا في سورة الأعراف، وكذلك مدينُ كما هو مفصّل في سورتـيِ الأعراف والعنكبوت. 
وإنّ قومَ لوط قد أخذَتْهمُ الصَّـيْحَةُ وَقْتِ الإشراق تفصيلا في سورة الحجر، وكذلك مدينُ تفصيلا في سورة هود، وكذلك ثمود تفصيلا في سورة العنكبوت والحجر وقد أفلح
وأمَّا قوله ﴿وَأَخَذَ الذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْـحَةُ فَأَصْبَـحُوا فِـي دِيَارِهِمْ جَاثِـمِينَ﴾ [هود 67] في شأن ثمود فمُفرَدةٌ أي لا نظير ولعلّه واللهُ أعلم للدلالة على أنّهم عذِّبوا ثلاثَ مرّاتٍ أولاها: بالصاعقة أخَذَتْهم وهم ينظرون غير أنهم لم يموتوا بها وإنما لم يستطيعوا القيام منها ثم ثانيا: أخذَتْهم الرّجفة ثمّ ثالثا: أَخَذَهم الصّيـحَةُ أخْذًا سريعا فما أبقتْ فيهم أثَرا من حياةٍ وكما قال اللهُ الحقُّ المبينُ ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْـحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْـمُحْتَظِرِ﴾ [القمر 31] أي لَا أثَر لـحَياةٍ كهشيم العيدان اليابس المتفتّتِ ومن المثاني معه قوله تعالى ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْـحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾ [يس 29] في شأن أصحاب القرية التي جاءها المرسلون الثلاثة.
وكذلكم بالتاء الساكنة للدلالة على التأكيد والشمول قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [يونس 57]
﴿فَإِنْ زَلَلْتُم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [البقرة 209]
﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة 213]
وتجرّد من التاء الساكنة مثانيه:
﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [البقرة 253]
﴿وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران 86]
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران 105]
ويعني والله أعلم وَصْفَ الذِين لـمْ يتبيّنُوا البينات التي جاءهم بها الرسُلُ بها بقرينة اقتتال أمم الرُسُل من بعدم كما في حرف البقرة وبقرينة إعراض اليهود والنصارى الذين شهِدُوا أنّ الوعْدَ بالرّسول حقٌّ أي أدركوا بعثَ النبي الأمِّيّ صلّى الله عليه وسلّم وحضروه بعد عِلْمِهم أنّ وصفَهُ والوعدَ بِه مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل وبقرينة تفرُّقِهم واختلافهم رغم ما جاءهم من البيّنات مع الرُّسُل بها كما في حرف ثاني آل عمران ويعني أنّهم لم يتبيّنوا البينات التي جاءهم بها الرّسُل بها كمَن غابوا عنها ولـم يطّلِعُوا عليها، ولقد استأنستُ واحتججتُ بقوله تعالى ﴿وَنَادَى أَصْـحَابُ الْـجَنَّةِ أَصْـحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقَّا﴾ [الأعراف 44] ولا يخفَـى أنّ الـجَهْلَ ينقلبُ علما وأنّ الشّكَّ ينقلبُ يقينا وأنَّ الغفلة تنقلبُ بصَرا حديدا وبصيرة ثاقِبَة في مَن حَضَرَهُ الْـمَوْتُ وشَهِدَ الملائكَةَ يتوفَّوْنَهُ وهم لا يُفَرِّطُونَ فذلكم عِلْمُ اليقينِ وأكبَرُ منه عِلْم الذي بُعِثَ وتجاوز يوم القيامة أي يومَ يقوم الناسُ لِرَبِّ العالمين إلى يوم الدِّينِ يومِ الحساب وتـجاوزَه إلى اليوم الآخِرِ في جنّةٍ أو جـحِيمٍ، ويعني أنَّ أصـحابَ الـجنَّةِ قد وصفوا أنفسَهم بقوْلِهم ﴿وَعَدَنا رَبُّنَا﴾ للدّلالة على أنّهم قد تلقَّوْا وعْدَ ربِّهِمْ تَفصيلا وءامَنوا به وانتظروه، وقالَ أَصْـحابُ الْـجنّةِ في وصْفِ أصحابِ النّار ﴿وَعَدَ رَبُّكُمْ﴾ للدلالة ـ والله أعلم ـ على أنّ أصحابَ النّار لـمْ يتبيَّنُوا وعْدَ ربِّهم لإعراضِهم عن التذكرة به كالـحُمُرِ فَرَّتْ مِن قَسْوَرةٍ.
سادسا: لِتأكيد ما أُسند إلى الغيب الْـمُنتظَرِ:
﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْـمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات 171]
﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى﴾ [طــه 129]
﴿وَرَحْمَتِـي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف 156]
﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ [التكوير 2]
﴿إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ [التكوير]
﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر 69]
﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ [الحاقة 15]
﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾ [البقرة 166]
﴿وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر 73]
﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ﴾ [الانفطار 2]
ولا معنى للتأنيث بقرينة قوله ﴿فَلَـمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّـي فَلَمَّا أَفَلَ﴾ [الأنعام 76]
من كتابي
معاني المثاني "موسوعة معاني كلمات القرآن وحروفه ومضمراته"
الحسن محمد ماديك
باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top