بسم الله الرحمان الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ون والاه وبعد
فلقد اختار ابن الجزري في نشره طرقا أي رواة لكل راو من الرواة العشرين، اختيارا لا يزال لغزا تضمنته طيبة النشر في قوله: "باثنين في اثنين وإلا أربع" اهـ ذلك أنه اختار لكل منهم رواة عنهم ـ مصنفين وغير مصنفين ـ اختيارا درستُه وتتبَّعتُه فإذا به قد جعل لبعضهم ـ مثل دوري أبي عمرو [ 135 طريقا ] ـ فائضا من الطرق الفرعية بأقسامها:
ـ طرق جمعت بين النص والأداء
ـ طرق النص والأداء ببعض القرآن
ـ طرق الأداء بالقرآن دون النص في أمهات النشر
ـ طرق الرواية بأحرف الخلاف وهو التحديث دون قراءة القرآن
ـ طرق منقطعة، جديرة بالقطع والحذف.
وجعل بعضهم فقيرا قفرا إلا من طرق التحديث، أو من طرق الأداء دون النص، أو من طرق الأداء ببعض القرآن، أي لم يرو عنه الذين جمعوا بين النص والأداء.
تلك قسمة عجيبة لم أستوعبْها بعدُ لقصور باعي في العلم والتخصص كما لم أتبينْ سبب اختيار راويين لكل راو ثم اختيار راويين لكل واحد من الأوليْن أو اختيار أربعة رواة دفعة واحدة لبعض الرواة العشرين، قاعدة بينتُ في كتابي "تيسير طرق النشر" ثبوت انهيارها في بعض الروايات كرواية روح عن يعقوب.
ولعل الباحث المعاصر لا يجد تفسيرا دقيقا لمدلول [الطرق] إذ غلب على أمهات النشر ـ إلا قليلا منها ـ إطلاق الطرق على الآخذين عن الرواة مباشرة وبواسطة إلى آخر السلسلة المتأخرة.
ولعل مصطلح الطريق يتضح أكثر ـ حسب تعريفي الجديد ـ بأنه المصنف الأول من بين الآخذين عن الرواة مباشرة أو بواسطة، أو هو المصنف الأول الذي نص في كتابه على الخلاف بين تلامذة الرواة.
وينخرم فلا يطرد التعريف المتداول منذ ألف ومائة عام للطرق كما في النماذج التالية:
الراوي ورش عن القارئ نافع، اعتمد له المصنفون طريقين هما الأزرق والأصبهاني، أما الأزرق فقد تلقى مباشرة عن ورش، لكن الأصبهاني إنما تلقى عن تلامذة ورش وعن تلامذة تلامذة ورش فلم اختص الأصبهاني دون شيوخه وشيوخ شيوخه بلقب الطريق؟
ولم يعط المصنفون تعريفا واضحا للشيوخ المغمورين من أمثال:
ـ أبي الربيع سليمان بن داوود بن حماد، أبي الأشعث الحرسي، وأبي يحيى المكي، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، أربعتهم عن ورش وتلقى منهم الأصبهاني.
ـ شيخ الأصبهاني مواس بن سهل عن كل من يونس بن عبد الأعلى وداوود بن أبي طيبة كلاهما عن ورش.
ـ شيخ الأصبهاني عبد الرحمان بن داوود بن أبي طيبة عن أبيه عن ورش .
ـ شيخ الأصبهاني أبو العباس الحمراوي عن أبي الأزهر العتقي عن ورش.
ـ شيخ الأصبهاني أبو عليّ المكفوف عن أصحاب ورش الثقات عن ورش.
ـ شيخ كل من ابن بويان والقزاز أبو بكر ابن الأشعث تلميذ أبي نشيط.
ـ شيوخ البزي وهما طبقتان وثلاث بينه وبين القارئ ابن كثير.
ـ شيوخ قنبل وهم أربع طبقات بينه وبين القارئ ابن كثير.
ـ شيوخ هشام الأربعة كلهم عن يحيى الذماري عن ابن عامر الشامي: طبقتان.
ـ شيوخ الداجوني الثلاثة كلهم عن هشام.
ـ يحيى اليزيدي بين القارئ أبي عمرو ابن العلاء وبين راوييه الدوري والسوسي.
ـ أيوب بن تميم عن يحيى الذماري وهما حلقتان في السلسلة بين ابن عامر الشامي وبين راوييه هشام وابن ذكوان.
ـ الأصم الأطروش بين الطريقين ابن خليع والرزاز وبين العليمي عن شعبة.
ـ الأشناني بين الطريقين الهاشمي وأبي طاهر وبين عبيد عن حفص.
ـ إدريس الحداد تلميذ خلف وشيخ طرقه الأربعة.
ـ سليم تلميذ حمزة وشيخ راويه خلاد.
ـ طبقتان هما الحلواني عن قالون بين ابن وردان وبين طريقه ابن شاذان.
ـ ثلاث طبقات بين ابن وردان وبين طريقه هبة الله بن جعفر.
ـ إسماعيل بن جعفر بين ابن جماز وبين طريقيه.
ـ التمار بين رويس وبين طرقه الأربعة.
ـ النقاش الطوسي بين الراوي إسحاق الوراق وبين طريقيه السوسنجردي وبكر بن شاذان.
كل هؤلاء القراء أو الرواة أو الطرق لا مكان لهم من الإعراب في كتب المصنفين من طرق الرواة ابتداء بابن مجاهد وانتهاء بابن الجزري في النشر، وهم في الحقيقة أحق بالتعريف وبالشهرة من تلامذتهم وتلامذة تلامذتهم الذين نسب إليهم الأداء واختلاف الأوجه في أحرف الخلاف كما أن الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية وتلامذتهم من التابعين الأولين أولى وأحق بالتعريف من القراء العشرة والأربعة عشر والخمسين وغيرهم.
وهكذا عدلت عن التعريف المتداول المتعارف عليه للطرق منذ أوائل القرن الرابع الهجري إلى التعريف الجديد الذي أضفته لعلم القراءات، حين جعلته مختصا بالمصنف الأول من  الآخذين عن الرواة وإن سفلوا، بما سبق إليه ذلك المصنف من جعل الأداء نصا منصوصا في كتابه. 
وتظهر القيمة العلمية للنص المنصوص في مصنفات طرق الرواة حسب علو إسنادهم وأدائهم من القراء والرواة وهكذا عند المقارنة بين المنصوص عليه في غاية أو مبسوط ابن مهران (ت 381 هـ) وبين المنصوص عليه في غاية الاختصار لأبي العلاء الهمذاني (ت 569 هـ) وبسبب ذلك أعدت نشر الطرق حسب تواريخ وفياتهم.

منهجية تتبعتها واستقرأتها فإذا بها تختصر التعداد الهائل للطرق وتجعله أكثر دقة إذ تعتبر الآخذين عن المصنف الأول من طرق الرواة متلقين عنه فقط ولا تعني قراءتهم بذلك الأداء غير تزكيته بالموافقة والشهرة والاستفاضة. 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top