كرم: الكرَم هو الخلوُّ من مَعانِي السّوء والنقص وعرَفَ العرب العِنَبِ في لسانهم بالكرْم لأنه فاكهة لا ضرر فيها على آكله، وعباد الرحمان إن اعْترضَهم اللغوُ أثناء مَشيِهم على الأرض هَوْنا مرّوا عليه وهم كرام أي لم يلتصْق بهم منه شيء، وحمل الهدهد إلى ملكة سبأ كتابا كريما من النبي سليمان لخلوِّ الكتاب من الشتم والسبّ واللعن.
ومع ابن آدم ملائكة حفظة كرام كاتبون لأنهم مُنزّهون مُبرّأون من الكذب والافتراء وإنما سيشهدون يوم الحساب بما يعلمون، وسمع النبيُّ الأمّيُّ صلى الله عليه وعلى آلِه وسلم القرآن من رسول كريمٍ هو جبريل المنزَّه المبرّأُ الـمَصون من الكذب والافتراء، وكان ضيف إبراهيم من الملائكة المكرَمين، ولن يصل إليهم شيء من أذى القوم المجرمين بل لن يصل أذاهم إلى لوط رسول رب العالمين.
ودلّ الجمع بين الإكرام والإنعام في سورة الفجر للإنسان المبتلى على المغايرة لدلالة الإكرام على إعفائه من الآلام والمصائب والخوف والضر ودلالة الإنعام على الرزق والمال والمتاع، وتضمّن الكتاب المنزل التكليف بإكرام اليتيم أي بكفايته وصَونِه عن السؤال والطواف على الناس ابتغاءَ اللقمة والكسوة.
وكرّم ربُّنا بني آدم فلم يجعلْهم مُسخَّرين لغيرهم من المخلوقات وشرع لهم سِتر العوراتِ والسّوْءاتِ بلباس يوُاريها، وأقرَّ إبليسُ بأن ربَّنا قد كرّم عليه آدم إذ لم تقع عليه لعنة ٌكلعنة إبليس كما في قوله تعالى ﴿فاخرُجْ منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتِـي إلى يوم الدِّين﴾ سورة ص.    
وإن مما يشكل دلالة صحف مُكرّمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة الموصوفة في القرآن، ولا يخفى تمكُّنُ قرامطة هجر بقيادة أبي طاهر القرمطي ومساعده ذكيرة الأصفهاني بعد فَعلتهم بالحاجِّ 317هـ واقتلاعِهم الحجر الأسود وعودتهم به، وما فعلوه من طرح المصاحف في الحشيش، ومكَث الناس شهرين يستنجُون بها، وكذلك قلّدهم الأحزاب المتأخرون وبعضُ الأوباشِ بعد غزو الأفغان والعراق.
وإن من أسماء ربِّنا اسمُه الكريم الأكرم إذ لا يلحقُه النقص والفقر والعجز بل ستتم موعوداته كلُّها في الدنيا وفي اليوم الآخر ولن يُعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض وبينت دلالته ضمن أسماء الله الحسنى.
بقلم/ الحسن محمد ماديك

1 التعليقات:

 
Top