اطمأنّ: الاطمئنان هو اكتفاء القلب بالشيء وسكونه عن التعلق بغيره.
ولقد تضمن قوله ﴿إِنَّ الذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾ يونس، أربعة أوصاف لأصحاب النار أكبرها وأخطرها أنهم لا يرجون لقاء ربهم في اليوم الآخر لفرط كفرهم به، وثانيها أنهم رضوا بالحياة الدنيا، وثالثها أنهم اطمأنوا بالحياة الدنيا فسكنت قلوبهم عن التفكير في ما قبلها وبعدها، ورابعها غفلتهم عن الكتاب المنزل وما فيه من الوعد بالآيات البينات.
وكان اكتفاء قرية كانت آمنة مطمئنة بما هم فيه من الأمن والرزق الرغد هو طمأنينتهم إلى ما أترفوا فيه برغبتهم عن رسول منهم كذبوه فأخذهم العذاب فأصبحوا أحاديث ومزقوا كل ممزق وأبدلوا بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل كما بينته المثاني في النحل وسبإ.
وكان من غفلة من يعبد الله على حرف هو وجه النعمة والسراء والحسنات اطمئنان قلبه أي اكتفاؤه بما ابتلي به من النعم فلا يتعلق بما أعدّ الله للمحسنين من نعيم مقيم في جنات الخلد بل ينغمس في ما أترف فيه وإن أصابه من المصائب والسيئات والضراء انقلب على وجهه خاسرا مشركا بالله.
وشُرعت للمسلمين وهم خائفون أن يتخطفهم العدو صلاةُ الخوف فإذا ذهب الخوف وعادوا إلى ديارهم واطمأنوا بها أي سكنت قلوبهم فلم تتعلق بالدفاع والخوف أقاموا الصلاة غير منقوصة.
وللمكرَه على الكفر أن يتحرك لسانه وجوارحه بالكفر اتقاء بطش الباغي إن سكن قلبه واطمأنّ إلى الإيمان بالله وما أنزل إلى النبي الأمي صلى الله عليه وسلم.
ولا يخفى أن ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار على بني آدم ولكنهم لا يمشون مطمئنين في الأرض لتعلقهم بمواضعهم في السماوات.
ولقد آمن إبراهيم بالغيب ومنه أن الله يحيي الموتى ولكن تعلق قلبه بالعلم رأي العين ليطمئن قلبه فلا ينشغل بالتفكر بالكيفية، ولم يشك الخليل في قدرة الله الواحد القهار وإنما حرص على أن يرى بعينيه الكيفية.
 وكذلك حرص الحواريون على أن ينزل ربهم عليهم مائدة من السماء لتطمئن قلوبهم إلى أن عيسى قد صدقهم.
ولعل لصاحب الشمال نفسا أمّارة بالسوء، ولصاحب اليمين نفسٌ لوّامة تعاتبه على التقصير والمعاصي ليسارع إلى التوبة والاستقامة، ولكل من الأبرار والمقربين نفسٌ مطمئنة إلى وعد الله فصبرت على الطاعة وعن المعصية وسكنت قلوبهم إلى ذكر الله أي دعائه واطمأنت به فلم تجزع عند المصيبة ولم تستغث بمخلوق.
إن الطمأنية المكلف بها في الصلاة على لسان الرسول النبي الأمي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث النبوي "ثم اركع حتى تطمئن راكعا" لتعني التكليف بإتمام الصلاة ركنا ركنا حتى كأنها صلاة مودع اطمأن قلبه إلى وعد الله بالجزاء والعقاب فانشغل به عن وساوس الشيطان وزهرة الحياة الدنيا.

وكان تنزل الملائكة يوم بدر بشارة من الله العزيز الحكيم في القرآن ولتطمئن قلوب المؤمنين بالغيب إلى وعد الله أن العاقبة للمتقين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top