تدور كلمات سورة الأحقاف وما تضمَّنته من خطاب وتكليفٍ
عامٍّ يشمل الإنس والجِنّ ومن قصصهما معا حول محور الإنذار.
وحرِيٌّ بالإنسِ أن يعقلوا إنذارا اشترك معهم فيه الجِنُّ
ولعلهم يتنافسون في أسباب النجاة من عذاب المجرمين الذين عاصروا الرسُل بالآيات في
الدنيا ومن عذاب المكذِّبين في اليوم الآخر، وظهر اشتراك الجِنّ مع الإنس في
الإنذار في المثاني في قوله تعالى:
ـ ﴿أولئك الذين حَقَّ عليهم القولُ في أمم قد خلتْ من
قبلهم من الجِنِّ والإنسِ إنهم كانوا خاسرين﴾
ـ ﴿وإذ صَرَفنا إليك نفَرا من الجِنِّ يستمعون القرآن
فلما حضَروهُ قالوا أنصِتوا فلما قُضِيَ ولَّوْا إلى قومِهم مُنذِرِين﴾
ويعني الحرف الأول أن الجِنَّ ليسوا مُعَمَّرين
مُنظَرين كإبليس الذي شَذَّ يوم أبى واستكبر عن السجود لآدم، بل الجِنُّ كالإنس
منهم جميعا أمَمٌ قد خَلتْ وانقَضَت قبل القرآن وكانوا خاسِرين بإعراضِهم عن
الإنذار.
وناسبت هذه السورةُ خاتمة السورة قبلها ويعني أن
سيقدُرُ مَن يعقلون إنذارا من الله الموصوف بقوله تعالى ﴿وله الكبرياءُ في
السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم﴾.
وتدور هذه السورة حول محور الإنذار ومنه:
ـ إعراض الذين
كفروا عما أنذروا
ـ والنبي الأمي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما هو إلا
نذير مبين
ـ والقرآن كتاب مُصدِّقٌ لسانا عربيا لِينذرَ الذين
ظلموا
ـ وخوّف الوالدان الصالحان ولدَهما الشقِيّ وعْدَ الله
بالبعث والحساب إنذارا منهما
ـ وحذّر اللهُ الذين ينكرون يوم يُعرضون عليه من عذاب
بالهُونِ
ـ وأنذر هود أخو عاد قومه بالأحقاف
ـ وحذّر اللهُ هذه الأمة أن يصيبها مثل ما أصاب عادا
ـ وسارع النفر الصالح من الجن لما سمعوا القرآن إلى
إنذار قومهم
ـ وحذّر اللهُ المكذبين بالبعث قدرتَه على أن يحيي
الموتى
ـ وحذّر اللهُ الذين كفروا من عذاب يذوقونه بالنار بما
كانوا يكفرون
ـ وسيقع على القوم الفاسقين عذاب في الدنيا يرونه
فيستأصلهم وإنما ينجو منه المؤمنون بالغيب وكان بلاغا ينذرون به.
بقلم الحسن ولد ماديك
من كتابي "تجديد أصول التفسير"
0 التعليقات:
إرسال تعليق