دلالة الكلمات في الكتاب المنزل
إن الموعودات من الله رب العالمين في الكتاب المنزل على النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ليقع عليها حقا الوصف بأنها كلمات الله وكلمات ربنا الذي قال لها من قبل ﴿كن﴾ وستكون إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها ووعَدَ الله في الكتاب المنزل أن لا تبديل ولا مُبَدِّل لها أي ستتم صدقا وعدلا كما أخبر الله من قبل في القرآن.
لقد تضمن الكتاب المنزل "كلمات من ربنا" هي وعْدٌ منه حسن سيتم نفاذه في الآخرة كما في قوله:
ـ ﴿وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ هود
ـ ﴿ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ السجدة
ـ ﴿قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين﴾ ص
ـ ﴿قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين﴾ الأعراف
ـ ﴿قال هـذا صرط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين﴾ الحجر
ـ ﴿وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار﴾ غافر
ـ ﴿أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار﴾ الزمر
ـ ﴿وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هـذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين﴾ الزمر
ـ ﴿قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا﴾ القصص
ويعني قوله ﴿لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ وقوله ﴿لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين﴾ وقوله ﴿لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين﴾ وقوله ﴿إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين﴾ أنه هو القول والكلمة أي الوعد الذي أخبر الله به يوم أبى إبليس واستكبر أن يسجد لآدم مع الساجدين، وهو القول والكلمة والوعد الذي سيحق أي يقع على الكافرين فيكونون من أصحاب النار في جهنم خالدين .
وتضمن القرآن "كلمات من رب العالمين" هي وعد حسن منه في الدنيا كما في قوله:
ـ ﴿وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر﴾ الأعراف  
ـ ﴿وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم﴾ الأنعام
ـ ﴿كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون﴾ يونس
ـ ﴿إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم﴾ يونس
ـ ﴿اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته﴾ الكهف
ـ ﴿ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مُبَدِّل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين﴾ الأنعام
ـ ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ﴾ يونس
إن الحديث النبوي الصحيح "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" ليعني أن النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قد علّم المؤمنين أن يدعوا الله ليحفظهم ويعصمهم من شر ما خلق ومنه فتنة الدجال وإغواء الشيطان متوسلين إليه بإيمانهم بكلماته التامات أي وعوده التي ستتم أي تنفذ وتقع إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها في الدنيا كالآخرة، ومن العجب أن الذين يرددون دعاء النبيّ الأميّ صلى الله عليه وسلم منذ عشرات القرون لم يفقهوه ...
وإن من تفصيل الكتاب الذي يكاد يخفى على غير المتدبِّرِ المثاني:
ـ ﴿وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون﴾ يونس
ـ ﴿ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب﴾ فصلت، هود
ـ ﴿وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب﴾ الشورى
ـ ﴿ولقد بوأنا بني إسراءيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ يونس
ـ ﴿ولقد آتينا بني إسراءيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ الجاثية
ومن تأمل حرف هود وفصلت والشورى وأول يونس علم أن وعدا قد سبق من "ربنا" أن يؤخر القضاء بين المختلفين بعد إيتاء موسى التوراة إلى أجل مسمى، ولم تتضمن هـذه الأحرف تفصيل الوعد الذي سبق من ربنا.
ومن تأمل حرف الجاثية وثاني يونس علِم أن الكلمة التي سبقت من ربنا بعد اختلاف بني إسراءيل في التوراة هي وعده في الكتاب أن يؤخر القضاء بين المختلفين في الكتاب المنزل إلى يوم القيامة كما هو مفصل في قوله ﴿إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ في الجاثية وثاني يونس أي هي الكلمة التي سبقت من ربنا كما في فصلت والشورى وهود وأول يونس أي وعده الذي سبق منه ولا يخلف الله وعده.
وكان من تفصيل الكتاب أن تفصيل الوعد الذي تضمنه حرف الجاثية وثاني يونس لم يقترنْ بوصف "الكلمة" التي سبقت، وحيث أُجْمِل الوعْدُ وقعت الإشارة إلية بـ "الكلمة" التي سبقت كما في حرف هود وفصلت والشورى وأول يونس.
 من تفسير الحسن محمد ماديك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top