من معاني الاسمين "السميع العليم"

قد بيَّنت في تفسيري المثاني لتبيان معاني الأسماء الحسنى: أن الاسمين: "السميع العليم" إنما وردا في الكتاب المنزل في سياق عمل أو دعاء تقَبَّلَه اللهُ من المكلَّفِ، وتقبَّل الله السميعُ العليم دعاءَ النبيَّيْنِ إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت، وتقبَل دعاء امرأةِ عمران إذ نذرتْ للهِ ما في بطنها محررا عبدا خالصا لوجه الله، وتقبَّل الله دعاءَ النبيِّينَ ومنهم إبراهيم أن يهَبَ لهم ذرِّيَّة طيبةً كما في قوله تعالى ﴿ذريةً بعضُها من بعض والله سميع عليم﴾ آل عمران، وتقَبَّل اللهُ دعاء النبيِّ يوسف كما في قوله تعالى ﴿فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم﴾  يوسف.

ووعد اللهُ أن يتقبَّل دعاءَ المظلوم ولو جهر بالسوء من القول دعاء على الظالم كما في قوله تعالى ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِم وكان الله سميعا عليما﴾ النساء، ويتقبَّل الله دعاءَ الموصَى له على الذي بدَّل وصيةَ الموصِي كما في قوله تعالى ﴿فمن بدّله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يُبدِّلونه إن الله سميع عليم﴾ البقرة، والمعنى فلْيدْع عليه فإن دعاءَه مجابٌ، ويتقبَّل الله دعاءَ مَن عزم الطلاق واستخار كما في قوله تعالى ﴿وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم﴾ البقرة، ويتقبّل اللهُ دعاءَ المستعيذِ به من نزْغ الشيطان كما في فصلت والأعراف، ويتقبَّلُ الله دعاء المرأة الطاهرة المتعففة وهي تسأله أن يُعِفَّها بزوج صالح كما في قوله تعالى ﴿وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم﴾ النور.

ويتقبَّل الله دعاء الساجدين كما في قوله تعالى ﴿الذي يراك حين تقوم وتقلُّبَك في الساجدين إنه هو السميع العليم﴾ الشعراء، وبيَّنه النبي الأمّيُّ صلى الله عيه وعلى آله  وسلم بحديثه "أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد" يعني فلْيَدْعُ وتأوَّل به صلى الله عليه وسلم حرف البقرة ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾.

وتقبَّل اللهُ عمَلَ مَن برَّ واتقى وأَصْلح بين الناس كما في سورة البقرة، وتقبل الله قتال المجاهدين في سبيل الله كما في قوله ﴿وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم﴾ البقرة ، وقوله ﴿وإذ غدوت تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم﴾ آل عمران، وتقبل الله عمل الذي يَكفر بالطاغوت ويؤمنُ بالله كما في قوله تعالى ﴿فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم﴾ البقرة، وفصَّلتُ الباب تفصيلا في موضعه من الأسماء الحسنى 

الموضوع من تقديم: الحسن محمد ماديك

صاحب مدرسة في التفسير والقراءات وفقه المرحلة