وردتني منذ أسبوعين تقريبا رسالةُ عِتَابٍ عبر
الفيس من موصليٍّ يَجِدُ عليَّ تَقَاعُسِي عن نصرة أهل الموصل ويتَّهمني بالتقرب
إلى الحكام لأنّي لا أسبُّهم ولا ألعنُهم واليوم أجيبُه بالكليات التالية:
ـ تلك فتَنٌ لـم أكن جزءا من نشأتها ولم يستشرْني التكفيريون
القائمون عليها يوم أوقدوا نارها فليسَ من الإنصاف محاسبَتي على تجاهلها وإنما
الإنصاف هو قوله تعالى " ولا تَكسِب كلُّ نفسٍ إلا عليها".
ـ إنَّ السبَّ واللعن هو منطِقُ المفلِسِ من العلم
ومَبلَغُه منه ونقيضُ التكليف المنزل على الرسل والنبيين ومنه قوله تعالى "فقولا
له قوْلا لَـيِّـنًا لعله يتذكَّر أو يخشَى"
ـ إنَّ الجماعاتِ المسلحةَ التكفيريةَ جزءٌ عريض من
الـمُشْكِل ازداد بها العامةُ نساء ورُضَّعًا وخبازا وحمالا وطبيبا وفنيا ومدرسا رهقا
ومعاناة وتمزقا وتشرُّدا إذ هي جماعات سرِّية تملك إيقادَ النَّار وإثارة الفِتن بظهور
حمقَى مُختفين مُسْتَتِرين عاجزين عن تأمينِ أنفسهم يبايعون أحدَهم على أنه هو الإمام والخليفة على
الأمّةِ فيقع الصراع بينهم وبين الحكام صراعا يتضرر به العامَّة في فتنة تأتي على
الأخضر واليابس ولا مخرَجَ منها إلا بتسليمهم أنفسَهم ولا يَملِكُ طالبُ العلم الـحَسَن
ولد ماديك غيرَ دعوةِ الحاكم إلى العفو وتمثُّلِ قوله تعالى "إلَّا الذين
تابُوا من قبلِ أن تقدروا عليهم فاعلموا أن اللهَ غفور رحيم"
ـ إنما أعتبر جزءً من المشكل الحاكمَ الذي يسفك
الدماء ويُحَرِّقُ العامَّةَ ويُقِرُّ التعذيبَ وسَلْبَ كرامة الإنسانِ، وستظلُّ
يَدي ممدودةً إليْه لأجل عيون الأطفال والنساء والعجزة لأنَّه هو رغم هذا كله يملك
أدواتِ إطفاءِ النَّار والفتن والحرائق بالتوبة والكَفِّ عن التعذيب وإتاحة حرية
الفكر والاعتقاد لكل الناس، كما في قوله تعالى "إن الذين فَتَنُوا المؤمنين
والمؤمناتِ ثم لم يتوبوا فلهم عذابُ جهنم ولهم عذاب الحريق" فانظر إلى رحمة
الله التي وسعت كلَّ شيء فلم يغلق باب التوبة عمن يحرق المؤمنين والمؤمنات.
ولا يتأتَّى لعاقل وَعَى المرحلةَ ويسعى لاستنباط
فقهِها الاصطفافُ في خندق مَن يَسْرِقُ طُمَأْنِينَةَ العامَّةِ واستقرارَهم
ويتسَبَّبُ في إغلاقِ المدارس والمشفيات والمخابز ضِدَّ من يملك تأمينَهم ومساعدتَهم
على أبسط درجات العيش والاستقرار ويتيح للناشئة فرص التعليم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق