أب: وقع الوصف بالأب على الوالد المباشر، وقد
يشمل الأم كما في قوله ﴿وورثه أبواه﴾، وكان آزرُ أبا إبراهيم رغم أنف بعض المتأولين كما في الكتاب المنزل وخاطبه
بقوله ﴿يا أبت﴾ واستغفر له
قبل أن يتبين له أنه عدوٌّ لله ولم يك محمدٌ أبا أحد من الرجال الذين عاصروا تنزل
الوحي عليه لوفاة بنيه قبل سن الرجولة.
وظهرت دلالة الأب على ذي النطفة من مَنِيٍّ
التي خلق الله منها الولد نكاحا، وكذلك سفاحا إن عُلِم بقراءة السلالة ونحوها كما
في قوله ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن
لـم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم﴾ الأحزاب، وإنما باء الزانيان
بالذنب وانتفت حقوق الزوجية بينهما ومنها الميراث، وللزاني أن يتزوج الزانية ولها
أن تتزوجه والخبيثة للخبيث وهو لها، وأما الابن فله على كل من الأبوين الزانيَيْنِ
رعايته وحقوقه كاملة غير منقوصة ويرثهما ويرثانه.
ووقع الوصف بالأب كذلك على الآباء الأقربين
كما في قوله ﴿كما أتمَّها على أبويك من قبل إبراهيم
وإسحاق﴾ في يوسف، وعلى الأجدادِ الأبعدين كما في قوله ﴿يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان
كما أخرج أبويكم من الجنة﴾ في الأعراف.
ودل قوله ﴿ملة أبيكم إبراهيم﴾ في الحج على إثبات نسب العرب في مكة يوم نزل
القرآن إلى إبراهيم.
وقد ورد الجمع منها وهو الآباء في بعض
الأحرف بمعنى الأسلاف كما في قوله ﴿واتبعت ملة آبائي
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق﴾ إذ كان إسماعيل عمه،
وكما في قوله ﴿حتى عَفَوا وَّقالوا قد مسَّ آباءَنا الضراءُ
والسَّرَّاءُ﴾.
وقد وقع ذم تقليد الآباء والأسلاف في ضلالهم
كما في قوله ﴿إنهم ألفَوْا آباءَهم ضالّين فهم على آثارهم
يهرعون﴾ الصافات، وأوْبَق الأولادُ آباءَهم أكثرَ باتباعِهم وتقليدِهم في غير هدًى
ورُشْدٍ، وحمل الآباءُ والأسلافُ الضالّون أوزارَ أنفسِهم ومن أوزار الذين يضلونهم
بغير علم.
والعجب ممن جاءهم النبيون والرسل من قبل والذين عاصروا تنزل القرآن
ولم يتبعوهم معرضين عن الهدى والبينات معهم مكتفين بتقليد الآباء والأسلاف.
وانتفع الآباء المسلمون بتربيتهم أولادَهم تربية حسنة بصلاح أولادهم
كما في استغفار الذين يحملون العرش ومن حوله للذين آمنوا ﴿ربنا وأدخلهم جنات عدن
التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم﴾ في غافر، ومن المثاني معه قوله ﴿جناتُ
عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم﴾ في الرعد.
ولم يتضمن تفصيل الكتاب المنزل كنية لغير أبـي لـهَب واحترق به أهل بيته
المباشرين فلم يسلم منهم أحد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق