أخ: الأخ هو ابن الأبوين مباشرة أو أحدهما ومؤنثه أخت، وسأل موسى ربه أن يشرك هارون في الرسالة فكان أنفعَ الناس لأخٍ، ومن سعادة المرء أن يشتدّ عضدُه وأزره بأخيه، وأنعم الله على المهاجرين والأنصار فألّف بين قلوبهم فأصبحوا إخوانا، وينزع الله ما في قلوب أصحاب الجنة من غل فأصبحوا إخوانا على سرر متقابلين، وكذلك الأخوة في الدنيا إلا تنطمس الفطرة بغلبة الشر كالذي يحب أن يأكل لحم أخيه ميتا، ولا تسل عن مبلغ الكرب يوم يقوم الحساب بفرار المرء من أخيه يستوفي منه حقوقه ليتأهل للنجاة، ولا يسع المؤمنين غير محبة الذين سبقوهم بالإيمان وأولهم الذين آمنوا مهاجرين وأنصارا وأن يدعوا لهم ﴿ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلّا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم﴾ الحشر، وذكّر هارون النبيّ أخاه موسى بالأخوة وبرحم الأم ولا يلزم منه أنه ليس ابن أبيه، ولو رشد المكذبون من قوم نوح لاتّبعوا أخاهم نوحا لحرصه على سلامتهم ونجاتهم ولفرط ما أحب لهم من الخير، وكذلك عاد وثمود ومدين وقوم لوط أعرضوا عن نصح إخوانهم الناصحين، وكان من نَزْعِ فتيلِ الصراع والاقتتال بين طائفتين من المسلمين تذكيرهم بمقام الأخوة وليحرصَ كل منهم على نصح أخيه، ولا يجوز نبذ اللقطاء ومجهولي النسب ولا تهميشهم بل هم إخواننا في الدّين ولا تكسب كل نفس إلا عليها، ولمّا سَلَب ذو التسع والتسعين نعجةً نعجةَ من لا يملك غيرها وكَفّتْ عن الشر معاني الأخوة ذا النعجة الواحدة فخاصمه إلى النبيّ داوود، ووقع تذكير القاتل خطأً بنعمة أخيه العافي عن الدّم وليتبعه بالمعروف وليحسن أداء الدية، ووقع تذكير وليّ اليتيم بأخوته ليقصر عن الاعتداء على ماله، ولا تسل عن سفاهة شقيّ ابني آدم بقتله أخاه، ولا عن سفاهة إخوان لوط لإعراضهم عن نصحه ولمراودته عن ضيفه المكرمين.
وما كان لإخوة يوسف أن يكيدوا له ولا أن يؤذوه فلا تسل عن فضل الندم والتوبة، وتنقلب أخوّةً في الدين عداوةُ المؤمنين وبغضاؤهم المشركين الذين تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة.  
وكان المبذرون إخوان الشياطين يسارعون إلى إرضائهم وموالاتهم، ويظل المنافقون والذين كفروا من أهل الكتاب إخوانا ينصح بعضا بعضا ويواليه ويثبطه عن اتباع الحق ونصرته.
ووقعت الأخت على المماثلة كالجراد والقمّل والضفادع والدم كل واحدة منها أخت الآية قبلها لأنهما للتخويف والقضاء أرسل كلا منها ربُّ العالمين مع موسى، وكانت عاد أخت قوم نوح وثمود أخت عاد لاشتراكهما في التكذيب والأخذ به في الدنيا إلى آخر الأمم المكذبة.

وبينت قوله ﴿وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ ثم لا يقصرون﴾ الأعراف، في مادة الغيّ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top