س1/ ما رأيك (الشرعي لا السياسي) في حكام العرب الذين يعطلون الشريعة والحدود ويحكمون في الناس بغير ما أنزل الله ويوالون أعداء الله ويلزمون شعبهم بالتحاكم لقوانين وضعية تخالف الشريعة الإسلامية؟
ج1/ كل حاكم اتخذ شبيحة ورجال أمن يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء ويخطفون العامة والخاصة ويخفونهم ويعذّبونهم فهم واقع غير شرعي بل هم شر محض وعصابة أشرار كالذين يقطعون الطرق ويروعون القوافل سابقا عبر التاريخ سواء بسواء بل هؤلاء أشرُّ وأخزى إذ كان من عادة اللصوص قطاع الطرق سابقا أن يهابوا أهل العلم والأطباء والفقراء أما هؤلاء فيتلذذون بتعذيب الخاصة وتمزيقهم وبطمس نور الإلهية وشريعة الإسلام ويحاربون السلم الاجتماعي للبشرية والإنسانية، ولا شأن لي بقوانينهم ودساتيرهم الوضعية ولا بموالاة الغرب كما لم يعتب النبي الأمي صلى الله عليه وسلم تبعا للقرآن على قريش سياستها الخارجية وتحالفاتها وقوانينها بل اكتفى بأكبر من ذلك إذ لم يضيع الوقت بمعالجة الجسد بعد فصل الرأس عنه، ولن يصبح هذا الحاكم شرعيا بتطبيق الشريعة والحدود بل لا تمثل الحدود والمعاملات من الإسلام إلا نسبة ضئيلة، ويلزمني كفرد مستضعف مغلوب على أمره التعامل معهم كما تعامل يوسف الرسول النبيّ مع استرقاقه غير الشرعي إذ لم يتمرد على من ملكوا أمره بل خدَمهم وأطاعَهم ولم يعصهم إلا حين راودته من ملكتْ أمرَه عن نفسه فامتنع، وكذلك الأصنام كانت واقعا غير شرعي وتعامل معها النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بعدم تعظيمها وبتبيان سوءتها وقصورها ووقع نهيه في الكتاب المنزل بعدم سبِّها مما يعني نهيا أكبر منه عن تحطيمها في مرحلة الاستضعاف، ويأتي في الأجوبة التالية مزيد من التفصيل.
وأخشى الفتنة وأن يحبط عمل من يبعتبرون جوابا سياسيا غير شرعي استدلالي بسلوك يوسف ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما في تعاملهما مع الواقع غير الشرعي ولا مخرج لوصف جوابي بالسياسي إلا أن يقتصر الجواب الشرعي عنده على اجتهادات الفقهاء وفلسفاتهم في متونهم التي لا تزن عندي جناح بعوضة وإنما الاستدلال عندي بالوحي قرآنا وهديا نبويا وكفى وكفى، وأبدأ بجواب السؤال الثاني والثالث
س2/ ما السبيل الذي تراه صحيحا لخلع أصنام العصر
س3/ هل هذا السبيل توقيفي أم اجتهاديٌّ؟ إن كان توقيفي فدلل؟ وإن كان اجتهادي فلم الإنكار في مسائل الاجتهاد؟
ج/ هذه المسألة من الأصول ولا علاقة لها بالفروع وإنما الاجتهاد في الفروع أما الأصول المثبتة في القرآن والْـهَدْيِ النبوي فلْيقْصُر الاجتهاد القاصر عنها ولْيخسإِ المجتهدون مع النصوص الصريحة في الوحي بقدر ضلالتهم عنها إلى المتون الفقهية المتكلفة، وعلينا معشر طلاب العلم أن نتبع القرآن الكتاب المبارك ومنه اتباع آثار النبيين والرسل قَصَصًا في كل جزئية، ومُـحَال أن يجد المسلمُ نفسَه وحده أو مع جماعة في وضعية أو حال لم يتضمن القرآن تفصيلها في القصص والذكر بها وفي النبوة والقول وضرب الأمثال وغيرها من الحروف أي الأوجه التي تنزل عليها القرآن، وكان فرعون ذو الأوتاد من أكبر الأصنام عبر التاريخ وتضمنت سورة الزخرف وغيرها أن رب العالمين قد جعله سَلَفا ومثَلا للآخِرين وهم الحكام الجبريات القائمة المعاصرة يقتدون بفرعون ذي الأوتاد، وللجبريات القائمة شِبِّيحة وأعوان أمن ومخبرون يخطفون ويعذِّبون بغير حساب ولا عقاب، ويهتدون بهَدْيِه إذ استخفَّ قومه فأطاعوه وإذ اتخذ من قومه شِيَعا يستضعف طائفة منهم ويذبح منها ويقتِّل وكذلك خَلَفُه جبريات العصر جعلوا الشعب طائفتين موالين يكرمونهم ومعارضين يمزقونهم، وعلى المسلم الباحث عن الحق الاهتداء بهَدْي موسى رسول رب العالمين ولا يستكبر عنه لأن نبينا محمدا صلوات الله وسلامه عليه قد كُلِّف بالاقتداء بهدي النبيين قبله كما في قوله تعالى "أولئك الذين هَدَى الله فبِهُداهم اقْتَدِهْ" في سورة الأنعام، وما كان من موسى وهو رسول رب العالمين بالآيات الخارقة إلا أن طلب من فرعون إطلاق سراح قومه المستضعفين ليُرسلهم معه ليهاجروا عنه ويتركوه وشأنه في مُلْكِه قومَه، وأعرض الجهاديون المعاصرون عن هذا التدرج من موسى ومن سائر الرسل والنبيين ومنهم النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إذ لم يأذن في مرحلة الاستضعاف بتحطيم الأصنام حول الكعبة ولا باغتيال أئمة الكفر في مكة ولا بخطفهم كما لم يحرق الأسرى بعد تميزه وقيام دولته النبوية المباركة.
وخلاصة القول أن من حكامنا المعاصرين من تجب مساعدتهم لئلا يتغلب عليهم الأشرار وأن منهم جبريات كلهم سوءاتٌ وعورات أَلَّهوا أنفسَهم وسفكوا الدماء وأفسدوا في الأرض وضررهم أكبر من اليهود والبوذيين والنصارى بل لا سبيل لأعداء الأمة عليها إلا بسيفهم وخيْلِهم ورجِلهم وشبيحتهم وأعوانهم وإعلامهم، هؤلاء هم المنافقون وهم العدو الأول وهم الذين إذا قيل لأحدهم اتق الله أخذته العزة بالإثم وازدادت وطأته وجبريته وهم الأكابر المجرمون في كل قرية وسيأمرُهم الله بالكفِّ فيفسقون فيحق عليهم القول فيُدمِّرُهم الله تدميرا، أما قبل ذلك فيقع إثمهم على خواص الأمة أهل الحلم والعلم الذين عجزوا عن التفريق بين الحاكم وبين شبيحته وأدوات بطشه وكان حريًّا بخواص الأمة المسارعة على إطفاء فتنة هذا الصنف من الحكام وإلى اضطراره إلى أن يعلم علم اليقين أن لا مبرر لاستمراره إذا لم يأمن العامة في ظله بالسلم والاستقرار فإن أخافهم وسجن منهم وخطف ومزَّق لزمهم إعلان البراءة منه وتوعية العامة بعيدا عن استفزازه بالسلاح ذلكم الاستفزاز الذي يزيد النساء والأطفال تمزقا وتشردا ويجعل لجنوده وشبيحته سبيلا إلى الخاصة بخطفهم وقتلهم، ولساعة من أمن الرضيع واطمئنانه خير وأزكى من جهاد الجهاديين المعاصرين أجمعين.
س4/ هل كل من اتصف بصفة أو قال قولا من أقوال فرقة ما نُسبَ إليها؟
ج4/ ليس كل من اتصف بصفة أو قال قولا من أقوال فرقة ما نُسِبَ إليها وإلا لكانت اليهود والنصارى والمسلمون أمة واحدة لاتفاقهم على أن الله هو الخالق وعلى نبوة موسى وهارون وداوود وسليمان وعلى البعث بعد الموت وعلى الحساب والجزاء وتتفق البشرية على عدد أيام الأسبوع.
س5/ من هو الإمام العادل الذي خرجت عليه الدولة الإسلامية في العراق والشام؟
ج5/ هذا سؤال جيد وله مصداقية ولم يخرج ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام على إمام عادل ولا نصفه ولا ربعه ولا معشار معشاره بل خرج على شياطين الباطنية النصيرية في سوريا والصفوية الفارسية في العراق غير أنه قاتل أهل السنة في سوريا فأجهض ثورتهم على الخبيث وقاتل أهل السنة في العراق فأجهض ثورتهم وشلّـ حركتهم وتورّع تنظيم الدولة عن غزو دمشق وبغداد وأضحى تنظيم الدولة عونا وسندا للنصيري إذ شغل عنه من يحاربونه وكذا في العراق وغيرها، واعلمْ رحمك الله أن مبرر نشأة تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق وغيرهما هو حماية بيضة أهل السنة والدفع عنهم فلن نقبل منه قتلَهم وقتالَـهم وهم في الأصل مغلوبون مستضعفون وإنما يعني قتلُهم وقِتالُـهم إجهاضَ جهودهم الانتفاضية وتقديمَ نموذج ممجوج مقزز للخلافة الإسلامية ـ على منهاج النبوة آتية وقع الوعد بها في صريح القرآن العظيم ـ وليشمئز منه المسلمون وغيرهم على السواء، هذا النموذج المقزز لا يستفيد منه غير ضباط الموساد ومخابرات الغرب والشرق والمخابرات العربية الوطنية الماكرة.
س6/ إن كان تنظيم الدولة من الخوارج فرضا هل تتعامل معه أنت وباقي العلماء كما تعامل معه سلف الأمة كابن عباس؟
ج6/ وصفتُ تنظيم الدولة بالخوارج لاتفاقهم على استحلال دماء مخالفيهم من العامة ومن أهل السنة الذين يقاتلون النصيري والذين يسعون للثورة على الصفوية في العراق وأذعِن لكل إنصاف يدعونني إليه وأبرأ من كل ظلم أظلمهم به وأجزم بأني لم أقطع بكفر معيَّنٍ شهد الشهادتين وأفصل بين السلوك وبين صاحبه كما تعلمت من هَدْي القرآن ومنه قوله تعالى "وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم" في سورة البقرة ولا يعني بحال من الأحوال أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم فسَّاق بل هو التفريق بين السلوك وبين القصد والنية وكما في قوله تعالى "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمَسَّنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم" في سورة المائدة وهو صريح في التخفيف عن العامة الذين يقولون ما لا يفقهون خطورته.   
س7/ هل قتال المسلم للمسلم يقتضي التكفير له؟ إن كان جيري فدلل، وإن كان لا فلم تنسبون للدولة التكفيرَ بمجرد القتل؟
ج7/ قتال جماعة من المسلمين فردا أو جماعة أخرى من المسلمين في مرحلة الاستضعاف أكبر من تكفيره أو تكفيرهم وليس هو من قبيل اقتتال طائفتين من المسلمين ولا من قبيل قتل جماعة المسلمين فردا منها شذّ أو حارب كالقاتل يقتل وكالمحارب المفسد في الأرض يقتل أو يصلب أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ولا يقاتل العامة في مرحلة استضعافهم إلا المأجورون عملاء أعداء الله الذين قرروا ان يبيدوا المسلمين بسيوف بعضهم.
س8/ هل يتعامل المجتمع السني الذي تحت سيطرة الدولة بمبدإ السمع والطاعة أم لا؟
ج8/ على المجتمع السني تحت سيطرة تنظيم الدولة أن يتعامل معه تعامله مع أي متغلب حَكَم بالقوة يعني لا يرفع عليه السلاح ولا يطيعه في ما نهى الله عنه وقد استفتاني بعض أهل السنة الواقعين تحت قبضة تنظيم الدولة فأفتيتهم بتحريم رفع السلاح عليهم وبتحريم التجسس عليهم أي بتحريم نقل أسرارهم وأخبارهم إلى عدوهم كائنا من كان، وإنما يتعين السمع والطاعة على المجتمع السني الواقع تحت سيطرة تنظيم الدولة أو أي بديل باسم الإسلام يظهر عن الجبريات القائمة حين يتوفر شرطان اثنان أولهما أن يصبح الخليفة أو الملك أو السلطان وجميع وزرائه وقواده غير مختفين وغير مقنعين ببرقع وثانيهما أن يتمكنوا من تأمين العامة ومن يأوي إليهم من غير المسلمين ولِـيُشْرَعَ يومئذ لا قبله قتال الدفع في ظلهم، ويعني لا سمع ولا طاعة لخليفة مختف ولا مستتر فإن كان هو ووزراؤه وأعوانه مستترون وعليهم البرقع ونحوه فهم عصابة من الشبيحة ومن الأشرار ولا علاقة لهم بالخلافة المنتظرة.
س9/ هل السيسي كافر أم مسلم بعدما استباح دماء السنة في رابعة وميدان النهضة؟
ج9/ لو كنت مكفِّرا أحدا لصدعتُ بكفره هو وبشار ولو كنت لاعنا أحدا لَـلَعَنْتُ إبليس وبشارا  والسيسي ولكن الله في الكتاب المنزل لم يكلِّفْ عباده المسلمين أن يلعنوا إبليس وإنما أخبر الله عنه أنه قد لعنه أي سيبعده عن التوبة وعن رحمته عند الموت وبينته مفصلا في كتابي معجم معاني كلمات القرآن وحروفه ومضمراته ولم يقع في الكتاب المنزل ولا في الهدي النبوي تكليف المسلمين بتكفير أحد وإنما نجزم بكفر من وقعت تسميتهم في القرآن وفي الحديث النبوي كفرعون وهامان وقارون وأبي لهب وامرأته والمغيرة وأبي جهل والأشقى عاقر الناقة وجنود فرعون وغيرهم.
أما محرقة السيسي في رابعة وميدان النهضة وما بعدهما من تقتيل العامة والخاصة فيقتضي اعتباره هو وقضاته وجنوده وإعلامه ورجال أعماله أسوأ وأفظع من قطاع الطرق الذين يُرَوِّعون القوافل وأبناء السبيل وأسوأ مما استحقه العرنيون ذلكم أن تسليط الشبيحة والمرتزقة ورجال الأمن على العامة تروعهم وتخطفهم وتخفيهم وتعذبهم أكبر وأفجر من قطع طرق القوافل وأبناء السبيل، ولْيَعْلَمْ فقهاءُ الأوراق أن ترويع الآمنين في بيوتهم وبكاء الأطفال بسبب اختطاف آبائهم أمام أعينهم أكبر من قطع الطرق وترويع القوافل ولا سمع ولا طاعة لصاحبه المتغلب بل أجزم والله أعلم أن من أطاع هذا الحاكم المتجبر قد حبط عملُه وتلاشى إيمانه وإسلامه وكان أسوأ من الذين ركنوا إلى الذين ظلموا وقد بشره الله في آخر سورة هود بالنار في اليوم الآخر، أما كفره أو إسلامه فلا يعنينا بعد إحراقه المؤمنين وإنما مرجعه إلى ربه ليحاسبه وليست الدنيا دار حساب وإنما دار ابتلاء، وإن مما أعيبه على السلفية التقليدية وعلى من يتسمون بالوهابية تسارع ألسنتهم إلى التكفير واعتباره ركنا من أركان البراء.
س10/ ما هي الضوابط الشرعية التي تمكننا من الاعتراف بقيام أي دولة من الدول، أم أننا ننتظر اعتراف الغرب لنعترف تبعا لهم
ج10/ علينا الاعتراف بشرعية كل من تسلطن وهو غير مختف ولا مستتر وكذا وزراؤه وقواده وجنوده وهو متمكن من حماية بيضة العامة داخل سلطانه ومن تأمين من يأوي إليه من المسلمين وغير المسلمين على السواء، ذلك المتسلطن في هذه المرحلة لن يكون إلا واحدا من قادة الجيوش النظامية ونحوه كما تسلطن من قبل صلاح الدين الأيوبي وقطز ويوسف بن تاشفين فصح شرعا تحت رايتهم الدفع عن المسلمين صولة العدو الخارجي وكان من فقه صلاح الدين رحمه الله البدء بالدويلات الداخلية فقضى عليها ليتأتى له قتال الصليبيين الغزاة.
س11/ هل يتفضل الشيخ بذكر أنموذج من الدول التي قامت من دون دماء سواء كانت غربية أم إسلامية (أمريكا أبادت الهنود، آل سعود أبادوا العثمانيين) وهل أقام النبي صلى الله عليه وسلم الدولة من دون دماء؟
ج11/ نشأت الدول الغربية والوطنية والأُسَرِية على جماجم الأبرياء ومخالفيهم، أما الدول الإسلامية عبر التاريخ فليست بتلك الكثرة إذ قد أهلك الله المكذبين بالرسل بالآيات مثل نوح وهود وصالح وشعيب ونَـجَّى من العذاب قلة مع كل منهم قد لا تتجاوز عدد الأصابع أي لم ينشئوا بهم دولة إسلامية ولا مجتمعا مدنيا بل كان أول مجتمع مدني مسلم بعد إغراق فرعون وجنوده ونشأة أول مجتمع مسلم لا سلطان لغيره عليه ونزل التشريع الجماعي في التوراة التي تضمنت القصاص والتكليف بالقتال في سبيل الله كما في سورة براءة، أما النبيون قبل التوراة أي قبل نزول التوراة فإنما يبعث النبي معه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد وكذلك إبراهيم وإسحاق ويعقوب ومن يزعم أنهم مقصِّرون إذ لم ينشئوا الدولة الإسلامية فليراجع إيمانه، ولقد نشأت عبر التاربخ وكما في القرآن الذي تضمن تفصيل كل شيء ثلاثة نماذج من الدولة الإسلامية أولاها كانت بتمكين خارق من رب العالمين أوتيه داوود وسليمان وثانيها بتمكين خارق كذلك من رب العالمين أوتيه ذو القرنين وثالثها نشأت بجهود المؤمنين أنفسهم وهي الدولة النبوية في المدينة النبوية وامتدت حتى انقضت الخلافة الراشدة وكان تمكينها بقدر جهودهم تماما كما في قوله تعالى "ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوَ بعضكم ببعضٍ" في سورة القتال، ولم ينشأ النموذجان الخارقان بسفك الدماء وقتل المخالفين أما النموذج الثالث فلم ينشأ كذلك بسفك الدماء بدليل كفِّ النبي الأمي صلى الله عليه وسلم عن القتال 15 سنة حتى نزل الإذن بدفع ظلم الظالمين في سورة الحج بعد سنتين من الهجرة، ولبثوا في مرحلة الدفاع حتى انقضت غزوة الأحزاب وبني قريظة ثم دخلوا مرحلة التمكين فعاهدوا وصالحوا وأرهبوا العدو ووقع الصفح عن الطلقاء ومن استأمن واستسلم، أما الدولة الأموية فما بعدها ففي نماذجهم دخن ودخان من الملك الدنيوي والتوريث.
س12/ هل يقر فضيلة الشيخ بعودة الخلافة على منهاج النبوة أم لا؟ إن كان نعم فما هي السبل التي تحقق ذلك؟
ج12/ بلى والله لتظهرنَّ خلافة على منهاج النبوة ومن أنكرها فقد أنكر الغيب الذي هو حرف من الحروف التي أنزل عليها القرآن وتخلَّف عن المؤمنين بالغيب الذين يهتدون بذلك الكتاب لا ريب فيه ولا يقع الغيب في القرآن على الآخرة بقرائن منها التكليف باليقين بالآخرة بعد الخطاب بالإيمان بالغيب، ويقع الغيب على حوادث وعد الله بها القرآن أن يقع نفاذها قبل انقضاء الدنيا وكلف بالإيمان بها وبانتظارها ولتقريب المعنى فلنتدبر قوله تعالى "أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمَّر الله عليهم وللكافرين أمثالها" في سورة القتال، وتضمن أولا: التكليف بالسير في الأرض للاعتبار وتضمن ثانيا: ذكرا من الأولين أي خبرا عن الأمم المكذبة قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وكذا فرعون وجنوده أن قد دمَّر الله عليهم فعذّبَـهم في الدنيا عذابا استأصلهم، وتضمن ثالثا: وعدا في الآخرين بإهلاك الكافرين بعد نزول القرآن بمثل ما أهلك به الأولون من قبلهم، ولا يزال هذا الغيب والوعد منتظرا لم يقع نفاذه وبينته تفصيلا في بيان سورة القدر.
ومن الغيب في القرآن ما نبَّأ الله به جميع النبيين عبر التاريخ وهو قوله تعالى "إن العاقبة للمتقين" ونبَّأ الله بها النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وهو غيب ووعد لا يزال منتظرا ويوم يقع نفاذه سيزهق الباطلُ زهوقا بالحق الذي سيقذفه ربنا على شاهد يتلو محمدا وهو من عنده علم الكتاب ويمحوا الله على يديه الباطل الموفور اليوم عبر الأثير وفي الأوراق ويقع به كفُّ بأس الذين كفروا ولتكون آيةً للمؤمنين وذلك في ظل خلافة على منهاج النبوة موصوفة في قوله تعالى "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينَهم الذي ارتضى لهم وليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" في سورة النور، وتتفق القرائن على أنه وعد منتظر لم يقع نفاذه حتى يومنا هذا لأن الله إنما استخلف قبل هذه الأمة نموذجين من الاستخلاف أولاهما القلة المؤمنة الناجية مع كل نوح وهود وصالح وشعيب وغيرهم من الرسل بالآيات خاصة استخلفه بإهلاك المجرمين واستخلافهم في الأرض من بعدهم آمنين مطمئنين يعبدون الله لا يخافون عدوا، وثانيهما التمكين لداوود وسليمان وذي القرنين تمكينا خارقا وسيجتمع في هذه الأمة النموذجان معا كما وصف الله بقوله "كما استخلف" أي مِثلُه، ولا يقع شيء من ذلك الاستخلاف المنتظر بجهود المسلمين وإنما كما وصف الله "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم" سورة المائدة، ومن المثاني معه قوله تعالى "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكَّلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين" سورة الأنعام.
طالب العلم/

الحسن محمد ماديك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top