التاء غيرُ العِوض في آخر الاسم: وفي النفس شيءٌ من دلالتها على التأنيث للتأنيث للقرائن التالية:
أولا: كلمة (ذُبابٌ) و (ذُبَابَة) للدلالة على نوع من الحشَرات تشمل الذكر والأنثَـى كما هو معلوم في لسان العرب فلا يصحُّ اعتبار التاء في الذبابة الذّكر للتأنيث.
ثانيا: التاء في ﴿ كُلُّ مُرضِعَةٍ﴾ [الحج 2] ليست للتأنيث، بقرينة اتفاق لسان العرب على وصف المرأة بنحو (مُرضِع)  (حائضٌ) (زَوْجٌ). 
ثالثا: كثير من أسماء الذُّكورِ لا تلحق آخرَه  التاء للدلالة على أُنْثَاهُ نحو (رجُلٌ) وإنما أُنثاهُ (امْرَأةٌ)، وكذلك (اليعسوبُ) أُنثاهُ (نَـحْلَةٌ) و (الدِّيك) أُنْثاهُ (دَجاجة) و (الأفْعَى) أُنثاهُ (الْـحَيَّةُ).
رابعا: لا يصح اعتبار التاء في (امْرَأةٌ) (نَـحْلَةٌ)  (نَعْجَة) (بقرة) (دَجاجة) (لَبُؤة) (ناقَة) (لِقْوَة) للتأنيث بقرينة صياغة ذُكرانِها بما يخالف مَبْنَـى تسمية الأنْثَـى نحو (رَجُل) (يَعْسوب) (كَبْش) (ثَوْرٌ) (دِيكٌ) (أَسَد) (جَمَل) (عُقاب).
خامسا: لم تقرنِ التاء بكلمة (عَقْرَب) وهي أُنثَـى (العقربان) رغم اتِّفاقهما في المبنَـى.
سادسا: تجرُّدُ كلة (الفَرَس) وهي أُنْثَـى (الحِصَان) وكلمة (عَنز) وهي أنثَـى (التيس) من التاء وكلمة (أَتان) وهي أُنثَـى (الـحِمار).
سابعا: أنَّ التاء في آخر الأسماء المؤنثة وغيرها إنّما هي للدلالة على غلبة الصفة واستصحابها إذْ لا زيادة تأنيث في  (الْـمُرضِعَة) على (الْـمُرضِع).
وكذلك التَّاء في آخر أسماءٍ لا يشْمَلُها التأنيث والتذكير نحو (شائِعَةٌ) و (إِذَاعَةٌ) و (مَوْتَةٌ) و (قِتْلَةٌ) توهّمها البعض للتأنيث وليست للتأنيث بل هي للاستغراق ونفْيِ الشُّذوذِ بل ماتَ هذا (موْتَةً) استغرقتْ حياتَه فلم تُبْقِ منها شيئًا، وقُتِلَ ذلك (قِتْلَةً) لم ينْجُ منها، وأذاع الغوغَاءُ (إذاعةً) انتشرتْ فسمِعها العامّةُ، وتعيش البشريّةُ اليوم (فِتنَةً) تخلّلتِ البيوت كمواقِع القَطْرِ ولم تَدَعْ بيْتًا إلا دخلَتْهُ.
وكثر استعمال التاء في آخر الأسماء ـ في غير العوض ـ في الكتاب المنزل للدلالة على الاستغراق ونفي الشذوذ عنه كما في قوله تعالى ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُـخْفِـي الصُّدُورُ﴾ [غافر 19] أي هو حِسابٌ في يوم الدِّينِ يتبَيَّنُ به الْـمُكلَّفُ أَنَّ اللهَ لَـمْ يَغِبْ عَنْ عِلْمِه شيءٌ من خائِنَةِ العَيْنِ ولا مما يُـخْفِي صَدْرُه من الغلِّ والحسد والظلم..
وكذلك دلالة التاء في ﴿يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ على قيام الناس كلِّهم لرب العالمين قياما يستغرقهم لا يتأتى لملِك منهم ولا لِمُستكبر الجلوس فيه قبل بدء يوم الحساب.
وكذلك في تفصيل الكتاب المنزَّل كما في المثاني:
﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ﴾ [غافر 18]
﴿أَزِفَتِ الآزِفَةُ لَيْسَ لَـهَا مِنْ دُون اللهِ كَاشِفَةٌ﴾ [النجم 58]
﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ [بداية الواقعة]
ويعني أنّ التَّاء في ﴿الآزفة﴾ وفي ﴿الواقعةُ﴾ للدلالة على أنها محققةُ الوقوع والحدوث والقيام كما وعد اللهُ ولا يُخلِفُ الله وعدَه ولا الميعاد ولا يتأتّى لأحد من دون اللهِ أنْ يكشف كربها كائنا من كان ويوم تقع الواقعة لا يسع أحدا تكذيبُها، إذ اكتسب الكفّارُ المكذّبون العلمَ بالموت والبعث فلا كاشِفَةَ ولا كاذِبَةَ.
من كتابي "معاني المثاني" معجم معاني كلمات القرآن وحروفه ومضمراته
الحسن مـحمد ماديك
باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة

1 التعليقات:

  1. زادك الله من فضله ونواله أحسنتم وفقكم الله

    ردحذف

 
Top