غضب
لقد أسند الغضب
في الكتاب المنزل إلى الأخيار من بني آدم وإلى الله رب العالمين، إذ أُسند إلى
موسى ويونس والذين آمنوا في هذه الأمة، وكان غضب موسى هو إلقاؤه الألواح وأخذُه
برأس أخيه ولحيته يجره بهما إليه قبل أن يسكت عنه الغضب ليأخذ الألواح ويستغفر
لأخيه هارون، وكانت مغاضبة ذي النون هي خروجه إلى الفلك المشحون، وتضمن تفصيل
الكتاب في سورة الشورى أن من سلوك الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون: قوله ﴿وَإِذَا مَا
غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾، لم ينْهَ في سياق التكليف الجماعي عن الغضب وأمر
بالمغفرة بعده.
إن الرضى وضده
من صفات النفس قد يُخفيه صاحبُه وقد يُظهره غير أن غضب المخلوق من صفات الجوارح لا
يتأتى إخفاؤه إذ هو أكبر من عدم الرضا الخاص بالنفس.
وتضمن تفصيل
الكتاب المنزل إسناد الغضب إلى الله عز وجل إذ غضِب اللهُ على مَن قتل مؤمنا
متعمدا، وعلى اليهود، وعلى من شرح بالكفر صدرا، وعلى من فرّ من الزحف في سبيل الله،
وعلى المنافقين، وعلى الملاعِنةِ الكاذبة ويعني أن الله سيُعاقب في الدنيا عقوبة
ظاهرة يستدل بها الناظر على أن مَن وقع عليه غضب الله قد حِيل بينه وبين حسن
الخاتمة وأسباب المغفرة والتوبة جزاءً وِفاقا لمن آثر ربحا أو سلامة في الدنيا باع
بها مرضاة الله ومغفرتَه.
وأُسنِدَ الغضب إلى
ربنا عز وجل إذ تضمن تفصيل الكتاب المنزل غضب ربنا على عادٍ وعلى الذين اتخذوا
العجل إلـها وعلى من أخلف موعد رسله وعلى الذين يحاجّون في الله من بعد ما استجيب
له وعلى من طغى بنعمة الله فصرفها في شقاق الرسل وفي سورة الفاتحة على إحدى
الطائفتين اللتين لم تتبعا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين، ولا يخفى أن ثانيتهما هم الضالون، ويعني أن الغضب
من ربنا هو العذاب في الدنيا عذابا ماحقا مستأصلا مَن يقع عليه بخلاف الضالين
الذين قد يؤخَّر عنهم العذاب في الدنيا إلى يوم الفصل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق